حذّرت دراسة بريطانية من أن الإساءة اللفظية، مثل الصراخ أو الشتائم التي يتعرض لها الأطفال، تترك آثاراً نفسية عميقة وممتدة، تضاهي في خطورتها آثار العنف الجسدي.
وشدّد الباحثون من جامعة ليفربول على أن السُباب والإهانات قد تكون بنفس حجم الضرر النفسي، أو أكثر، من الضرب، وتؤثر في 7 جوانب رئيسية من الصحة النفسية في مرحلة البلوغ، ونُشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية «BMJ Open».
وعالمياً، تشير الإحصاءات إلى أن طفلاً من بين كل 6 يتعرض للعنف الجسدي من قبل الأسرة أو مقدّمي الرعاية. وبالإضافة إلى الأذى الجسدي الفوري، يمكن أن يترك هذا النوع من العنف آثاراً طويلة الأمد على الصحة النفسية والبدنية، مثل القلق، والاكتئاب، والإدمان، والسلوكيات الخطرة، والعنف، وأمراض مزمنة كأمراض القلب والسكري. وبالمثل، تؤثر الإساءة اللفظية سلباً على التطور العصبي والبيولوجي للطفل. ويُعتقد أن طفلاً من بين كل 3 حول العالم يتعرض لهذا النوع من الإساءة.
ولتحليل الآثار طويلة المدى لكل من الإساءة الجسدية واللفظية، سواء بشكل منفصل أو مجتمع، جمع الباحثون بيانات من 7 دراسات شملت 20687 بالغاً في إنجلترا وويلز، نُشرت بين عامي 2012 و2024. واستخدمت الدراسات أداة لقياس التعرض للإساءة في الطفولة، ومقياس للرفاه النفسي، الذي يتضمن أسئلة حول عوامل نفسية منها الشعور بالتفاؤل، والاسترخاء، والقرب من الآخرين، واتخاذ القرارات.
وأظهرت النتائج أن البالغين الذين تعرضوا للإساءة اللفظية في طفولتهم سجّلوا تراجعاً ملحوظاً في 7 مؤشرات رئيسية للصحة النفسية. شملت؛ تراجع التفاؤل بالمستقبل، وضعف الشعور بالقيمة الذاتية، وانخفاض الاسترخاء، وضعف القدرة على التعامل مع المشكلات، وتشتت التفكير، والشعور بالانعزال، والتردد في اتخاذ القرارات.
كما تبيّن أن التعرض للإساءة الجسدية أو اللفظية في الطفولة يزيد من خطر انخفاض الصحة النفسية في مرحلة البلوغ بنسبة 52 و64 في المائة على التوالي. أما في حال الجمع بين النوعين من الإساءة، فتتضاعف هذه المخاطر، مقارنة بمن لم يتعرضوا لأي إساءة.
فعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة من يعانون من تدنٍ في الصحة النفسية من 16 في المائة لدى من لم يتعرضوا لأي إساءة، إلى 22.5 في المائة في حالات العنف الجسدي فقط، و24 في المائة في حالات الإساءة اللفظية فقط، وصولاً إلى 29 في المائة عند التعرض لكلا النوعين معاً.
وكانت احتمالية عدم الشعور بالقرب من الآخرين أعلى بين من تعرضوا للإساءة اللفظية فقط، بنسبة بلغت 13.5 في المائة، مقارنة بـ10 في المائة في حالات العنف الجسدي فقط، و8 في المائة لدى من لم يتعرضوا لأي إساءة.
وخلص الباحثون إلى أن الشتائم لا تترك كدمات مرئية، لكنها تخلّف ندوباً نفسية عميقة قد لا تُشفى بسهولة، مطالبين بتوسيع التوعية بأضرار العنف اللفظي، وتوفير دعم تربوي بديل للآباء والمعلمين لحماية الأطفال من هذا النوع من الأذى.


