منذ زمن بعيد ومن خلال هذه الزاوية كنت أُنادي أن تقوي الشركات القُطرية في العالم العربي مراكزها المالية أولاً: عبر التطور والنمو، وثانياً: عبر الاندماج مع الشركات القُطرية المماثلة في النشاط أو المكملة لها، على أن يلتزم هذا الدمج بشرط أساسي هو عدم الاحتكار، بمعنى أن هذا الدمج لا يخلق كياناً احتكارياً لنشاط معين ما تنتفي معه المنافسة.
وبعد ذلك رجوت أن نرى هذه الكيانات القُطرية المتماثلة تندمج فيما بينها لتخلق كيانات إقليمية قوية، فمثلاً إذا كان هناك كيان قُطري سعودي ينتج الأغذية وهناك كيان أردني يماثله في النشاط وتوافرت شروط الدمج، يندمجان فيما بينهما لخلق كيان إقليمي قوي، ربما فيما بعد يصبح عالمياً.
في الأسبوع الماضي أصدرت شركة «ألبا» البحرينية، ونشاطها يتمثل في الألمنيوم، وشركة «معادن» السعودية؛ خطاب نوايا غير ملزم بدمج شركة «ألبا» مع نشاط «معادن» المتخصص في الألمنيوم لخلق كيان إقليمي قوي، لذلك أرجو أن تتم هذه الصفقة بين الشركتين؛ أولاً: لخلق كيان قوي موحد، وثانياً: لتوقعي نجاح الصفقة لأنها في مصلحة الشركتين، وثالثاً: أن الشراكة مع القطاع المالي البحريني ليست جديدة وكانت ناجحة، فقد كان هناك شراكة منذ نحو أربعين عاماً في شركة إسمنت سُميت شركة «الإسمنت السعودي البحريني»، تحولت فيما بعد إلى شركة «إسمنت السعودية» وتتداول أسهمها في السوق السعودية حالياً، رابعاً: أن الدمج بين الشركتين سيقلل تكاليف التشغيل ما يعظم هامش الربح.
خطاب النوايا حدد نهاية العام الحالي لإتمام الصفقة من عدمه، وهذا يخضع للإجراءات التنظيمية في البلدين، إضافة إلى موافقة الجمعيات العامة في الشركتين، لذلك أرجو أن تتم هذه الصفقة وأن تُذلل جميع العقبات التي تعترض الدمج، ومن مكاسب الدمج على المدى القصير أن جزءاً من أسهم «ألبا» سيتداول في السوق السعودية، وهي سوق نشطة، ما يعود على حملة الأسهم بالمكاسب عبر الإدراج في سوق نشطة.
ومن مكاسب الاندماج على المدى الطويل أن هذا النموذج سيكون محل اختبار وفي حالة نجاحه قد يغري شركات قُطرية بالاندماج مع شركات قُطرية أخرى، وفي ظني أنه كلما زاد التداخل الاستثماري بين الدول العربية فإن ذلك سيقلل من الخلاف السياسي؛ لأن القائد السياسي سينظر لمصالح بلده في القُطر الآخر، والآخرون سينظرون بالمثل، ما يجعل الخلافات السياسية منعدمة أو على الأقل محدودة في جانب معين لا تتعداه.
حفاظاً على المصالح المشتركة بين الأقطار العربية، لذلك أرجو أن يتم هذا الدمج ليكون بداية لخطوات عربية مماثلة، تُحسن بيئة الاستثمار في الدول العربية التي ظلت تعاني من البيروقراطية زمناً طويلاً مع مشاكل أُخرى ظل يعاني منها الاستثمار العربي المشترك. ودمتم.