> عندما ألّف هربرت جورج ويلز (1866-1946) روايته الأولى «عربة الزمن» ضمّنها رغبة كلّ واحد منا العودة إلى الماضي. الدوافع في روايته التي وضعها سنة 1985 كانت محض خيالية وعلمية: عالم يبني عربة تنقله إلى أي زمن يريد. لكن الفحوى تواكب رغباتنا في السفر إلى الأمس.
> ليست الرغبة، بالضرورة، الهروب من الحاضر، بل ربما هي وليدة حب الاستكشاف والمعرفة أو الحنين إلى زمن كان أفضل من الزمن الحاضر، أو هكذا نعتقد.
> لكن السينما تستطيع أن تكون عربتك الزمنية. حال تختار فيلماً من السبعينات وما قبل وتطفئ أنوار صالتك وتجلس في مواجهة الشاشة وفي يدك المكسرات والعصائر، تختار الفيلم الذي تريد مشاهدته من تلك الحقبة.
> ستكتشف قيمة العديد منها إذا أحسنت الاختيار. القيمة الفنية لأفلام أورسن ويلز، وألفرد هيتشكوك، وأندريه تاركوڤسكي، وتوفيق صالح، وجان - بيير ملڤيل، وكنزي ميتزوغوتشي، ومئات آخرين سترى كيف أن الماضي، مجسداً في تلك الأفلام كان - على بعضه البعض - أفضل من الحاضر ولو فقط مقارنة بمعظم أفلام اليوم.
> ستعايش الحياة قبل ولادتك. ها هي تاكسيات لندن السوداء في الأربعينات بثلاثة أبواب فقط. الباب الذي على الطرف الآخر من كرسي السائق غير موجود. ها هي الطائرات القديمة. أو هكذا كانت الحروب الأولى. ستدرك معنى التصوير والتوليف ولماذا تخلق تشويقاً غير مفتعل كما الحال الآن.
> ستكتشف «الكلوز أب» على الوجه والأداء المقرّب للممثل المرتبط بلحظة اختيار المخرج تلك اللقطة القريبة. ستذهل كيف أن الكوميدي باستر كيتون قاد دراجة وهو مغمض العينين وصولاً إلى جسر حافة هضبة تطل على طريق سريع. من دون مؤثرات سيصل أوتوبيس وتحط الدراجة على سقفه وتعبر لأوتوبيس آخر من الناحية المقابلة قبل أن تجتاز الدراجة الهضبة الأخرى.
> إنها عربة زمنية متاحة لعالم أفضل أتمنى لو كانت هناك عربة فعلية تنقلني إليه.