تعثُّر الشركات المساهمة في أي سوق من أسواق المال أمر وارد، بل هو أمر طبيعي؛ فحتى الشركات الناجحة تمر بمرحلة تعثُّر، وتطلب تمويلاً إضافياً من المال لتجاوز هذا التعثر، وقد يكون طلب هذا التمويل الإضافي من البنوك أو من حمَلة الأسهم، ولكنها قبل طلب التمويل تقدم خطة للممولين أياً كانوا بنوكاً أو حملة أسهم، وترسم لهم خططها التي تزعم اتخاذها لتجاوز الأزمة، وتوضح لهم كيفية استخدام هذا التمويل الإضافي، فإذا اقتنع الممولون بالخطة المرسومة من قِبل الشركة قاموا بتمويلها، وإذا كانت الخطة المقدَّمة من قِبل الشركة غير مقنعة رفضوا التمويل، وقد يُرفض التمويل لأسباب أخرى، كأنْ يكون نشاط الشركة عفا عليه الزمن، وقد يُطلب هذا التمويل مرة واحدة أو على فترات زمنية متباعدة، وفي الغالب تكون هناك أسباب مقنعة لطلب التمويل، مثل ما مرت به الشركات أثناء أزمة «كورونا»، أو حدوث كارثة طبيعية تجبر على طلب التمويل الإضافي، أو توسع في النشاط أو أي أسباب أخرى يقتنع بها الممول.
في سوق الأسهم السعودية هناك أمر غريب يحدث، وهو طلب التمويل الإضافي من حمَلة الأسهم فقط لإطفاء الخسائر!!!
فنجد الشركة المساهمة المتداوَل أسهمها في سوق الأسهم السعودية بعد أن تتفاقم خسائرها تقوم بخفض رأس المال لإطفاء الخسائر، ثم تقوم بطلب التمويل من حمَلة الأسهم، وترفع رأس المال مرة أخرى دون تقديم خطة واضحة لاستخدام هذا التمويل أو طريقة تجاوز الخسائر!!! أي أن طلب التمويل يحدث فقط لإطفاء الخسائر!!!!!! ومع ذلك نرى حمَلة الأسهم يسهمون في هذا التمويل بحماس، رغم أن سوق الأسهم تعطيهم فرصة للتخارج من أسهم هذه الشركة ببيع الأسهم، وعَدّ هذا الاستثمار خاسراً، والبحث عن فرصة بديلة بشراء أسهم شركة ناجحة أو نامية تدفع أرباحاً منتظمة، ويتوقع أن ترتفع أسعار أسهمها في السوق بحكم نجاحها.
المثير في الأمر أن هناك شركة سعودية قامت بخفض رأس مالها ورفعه 4 مرات دون جدوى، ورأس مالها ينقرض بعد كل طلب تمويل إضافي.
لا أعرف لماذا لم يقم مجلس إدارة الشركة بتصفية الشركة، بدلاً من تحميل حملة الأسهم أعباءً مالية لن تعود عليهم بطائل.
ربما يقول قائل إن الشركة مرت بمجالس إدارات وإدارات تنفيذية ليست ذات كفاءة، وهم الآن يعوِّلون على مجلس إدارة مختلف ربما يقود الشركة للنجاح، أرجو ذلك حفاظاً على أموال صغار المساهمين الذين لا يتحملون خسائر إضافية، كما أرجو أن يقدم مسؤولو الشركة خطة توضح أسباب الخسائر السابقة، وتوضح ماذا سيفعلون في المستقبل لإخراج الشركة من مسلسل الخسائر، ووضعها على طريق الربحية؛ فلعلّ ذلك يقنع حملة الأسهم ليقوموا بتمويل الشركة من جديد. ودمتم.