هذا هو شعار متجر «تيمو» (Temu) الإلكتروني، الذي اكتسح الأسواق الأميركية خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، وصرف مئات الملايين من الدولارات في حملات إعلانية، وظهرت إعلاناته من مناسبات مميزة مثل نهائي «السوبر بول» الأميركي. ووصلت شهرة وشعبية هذا المتجر إلى درجة أن أصبح الكثيرون يرونه مهدداً للعملاق الأميركي «أمازون»، فما هي إمكانية هذا التهديد؟ ولماذا تمكّن «تيمو» من الوصول إلى هذه الشهرة؟
أطلقت العلامة التجارية لـ «تيمو» في سبتمبر (أيلول) 2022 في الولايات المتحدة، وتعود ملكية هذه العلامة لشركة PDD Holdings الصينية، التي تمكّنت من تجاوز قيمة «علي بابا» في الصين لأسباب كثيرة، منها النمو الانفجاري لـ«تيمو» والأحداث المتوالية التي تعرضت لها شركة «علي بابا» والتي كان معظمها جزءاً من الإصلاحات الحكومية لهيكلة السوق الصيني. وقد أدت الحملة الإعلانية التي أطلقتها «تيمو» إلى انتشار التطبيق في الولايات المتحدة ليصبح التطبيق المجاني الأكثر تحميلاً لعام 2023 في أميركا، وكشفت تحليلات أن المستخدم المتوسط يقضي 7 إلى 8 دقائق أكثر في تطبيق «تيمو» مما يقضيه مستخدمو التطبيقات الأخرى مثل «أمازون» و«علي إكسبريس» وغيرهما.
وفيما ركزت تطبيقات صينية أخرى على بضائع محددة مثل «شين» (Shein) الذي ركز على الملبوسات فحسب، فقد تضمن متجر «تيمو» نطاقاً واسعاً من المنتجات، وهو الذي جعل الكثير يشبهونه بأمازون، مع بعض الاختلافات الجوهرية، التي قد تحدد إذا ما كان «تيمو» بالفعل قادراً على منافسة «أمازون» أم لا.
تميز «تيمو» بالتجربة التي يقدمها للمستخدمين، فهو يعطيهم تجربة أشبه بالألعاب والترفيه منها إلى التسوق، وهو ما يعطي المتسوقين خيالاً أوسع، موفراً لهم منتجات لم يكونوا مدركين إلى حاجتهم لها قبل التسوق، هذا النموذج على النقيض تماماً من نموذج «أمازون» الذي يعرض المنتجات بأسلوب آخر وبحسب طلب المتسوق.
كما استهدف «تيمو» المنتجات المخفضة والباحثين عن منتجات بأسعار معقولة، مستفيداً من عدة عوامل مهمة، أولها الركود الاقتصادي، وضعف القوة الشرائية التي حدثت بعد جائحة كورونا، والتي صاحبها تضخم جعل التسوق رفاهية لا يستطيع الجميع الحصول عليها. ولعل شعار «تيمو» «تسوّق مثل الملياردير» جاء ليضرب وتراً حساساً لدى المستهلكين الذي أنهكهم التضخم. عامل آخر استفاد منه «تيمو» وهو الطاقة الإنتاجية الفائضة للمصانع الصينية، التي وجدت لديها مخزوناً متكدساً في سوق يعمّه التخوف من الركود، وسعة إنتاجية كبيرة يقابلها طلب ضعيف، وقد وفّر «تيمو» خطّاً مباشراً بين المصنّعين الصينيين والمستهلكين الأميركيين. ولأن معظم المنتجات المبيعة في «تيمو» تشحن من الصين إلى بقية دول العالم، فقد انخفضت تكلفتها بسبب قلة محطات الشحن والتخزين.
إلا أن بعض هذه الميزات كانت عيوباً عند مقارنة «تيمو» بـ«أمازون»، فالأخير يفتخر بأنه يوصل المنتجات في اليوم نفسه أو اليوم التالي من خلال خدمة «برايم»، بينما «تيمو»، ولأنه يرسل منتجاته من الصين، فقد يستغرق ما بين 6 و20 يوماً. كذلك ولأن «تيمو» أغدق على الإعلانات، فقد أخذ عن منتجاته انطباع قلة الجودة، وهي مشكلة مرت على الكثير من المنتجات الصينية من قبل. ويُضاف إلى ذلك، أن خدمة العملاء وما بعد البيع في «أمازون» أكثر وضوحاً وشفافية، لشركة ستحتفل هذا العام بمرور 3 عقود على تأسيسها، مقابل شركة لم تكمل حتى الآن عقدها الأول.
وحتى الآن، لم يتضح أن «تيمو» يشكل تهديداً حقيقياً لـ«أمازون»، لأسباب منها أن الأخير يصنّع العديد من المنتجات لنفسه، وهو يمتلك محفظة استثمارية ضخمة تساهم شركاته في تقوية بعضها البعض. ويسيطر «أمازون» على نحو 38 في المائة من قطاع التجزئة في الولايات المتحدة، بينما لا تزيد حصة الشركة الصينية على 0.2 في المائة! إلا أن ما سيفعله «تيمو» بالمنافسة مع «أمازون» سيكون بالتأكيد في صالح المستهلك، فقد أعلن «أمازون» عن تخفيض الرسوم للمنتجات التي يقل سعرها عن 20 دولاراً، وهي أهم فئة مستهدفة لدى «تيمو»، كما يتوقع أن يراجع العديد من استراتيجيته استعداداً لهذه المنافسة.
وفي أفضل الأحوال فسينمو «تيمو» ليصبح منافساً شرساً لـ «أمازون» دون الحصول على أغلبية الحصة السوقية، إلا أن ما قد يوقفه هي الحكومة الأميركية نفسها، التي قد لا تسمح بشركة صينية جديدة تهيمن على السوق الأميركي كما هو الحال في «تيك توك»، والواقع فقد كتب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساس، توم كوتون، على موقع «إكس»: «تماماً مثل TikTok، يجب على Temu أو أي شركة تقنية صينية السماح للحزب الشيوعي بالوصول غير المقيد إلى بياناتها. يجب ألا يكون هذا بداية لممارسة الأعمال التجارية في الولايات المتحدة». هذا التهديد غير واضح حتى الآن لشركة تبيع منتجات منزلية غير معقدة وملابس للمراهقين، ولكنه بكل تأكيد تهديد مستقبلي إذا أرادت هذه الشركة النمو في السوق الأميركي.