استقبلت العاصمة السعودية الرياض، خلال أيام، زعماء دول القرن الأفريقي، ومعها دولة تشاد المهمة هي الأخرى لاعتبارات أمنية وسياسية واقتصادية خاصة تجاه الأزمة الليبية.
دول القرن الأفريقي هي الدول المطلة على الضفة الغربية للبحر الأحمر، من الصومال جنوبا لجيبوتي وإريتريا شمالا، مع هذه الدول إثيوبيا، وإن كانت لا تملك منفذا على البحر، لكن جيبوتي، وربما إريتريا، المنافس التقليدي لإثيوبيا، تعتبران موانئ للدولة الإثيوبية المهمة في القارة الأفريقية قاطبة.
العلاقات بين العرب والمسلمين وبين هذه الدول والمجتمعات قديمة، بل إن العرب شكلوا جانبا من نسيج هذه الدول، بل إن بعض الباحثين يرون أن الدولة «الأكسومية» الشهيرة في تاريخ إثيوبيا هي من تأسيس العرب المهاجرين من سواحل اليمن العربية، خاصة تجاه سواحل المخا.
المسلمون في الصومال وجيبوتي وإريتريا يشكلون النسبة العظمى، وهم في إثيوبيا كتلة كبرى، كلهم لا علاقة لهم تاريخيا بإيران، في نسختيها القومية الشاهنشاهية، والأصولية الخمينية.
رغم عدم وجود جذور لعلاقة مع إيران، إن بالمعنى القومي أو الطائفي، فإن إيران الخمينية سعت بنشاط لخلق وجود لها في كامل أفريقيا، خاصة دول القرن الأفريقي، تجلى ذلك في العلاقات الخاصة مع إريتريا، واستغلال مينائها الحيوي على البحر الأحمر (مصوع). كان ذلك في عهد الرئيس أفورقي، صاحب السياسات المثيرة، مع إيران وإسرائيل: «مرة أخرى إيران وإسرائيل تشتبك مصالحهما!».
من أجل ذلك، كانت الحركة النشطة للسعودية تجاه القرن الأفريقي شديدة الأهمية، ليس بالمعنى العسكري والأمني، لما تملكه هذه الدول من إطلالات بحرية على باب المندب وجنوب البحر الأحمر، كذلك ما لديها من جزر حساسة المواقع، ولكن أيضًا لأسباب سياسية واقتصادية، وكلنا نعلم عن اتفاقات الزراعة الخارجية مع دولة مثل إثيوبيا، في إطار برنامج الأمن الغذائي السعودي.
في ديسمبر (كانون الأول) 2009 زار منوشهر متقي، وزير خارجية إيران في العهد النجادي، جيبوتي، هذا البلد الصغير، بشكل خاطف. وفي السنة التي قبلها كانت هناك زيارة حاشدة لأحمدي نجاد لجيبوتي، في مغافلة للدول الأولى في هذا الفضاء الحيوي، وفي مقدمتها السعودية ومصر واليمن.
من أسس حماية الأمن الوطني والمصالح العليا توفير مجال حيوي واسع في الإقليم، بكل اتجاهاته الجغرافية، وهذه الضفة الغربية للبحر الأحمر لها خصوصية في تاريخ الجزيرة العربية منذ أيام النجاشي. حتى يومنا الحاضر. وللسعودية بوجه محدد الدور الأهم معنويا واقتصاديا لدى شعوب هذه الدول.
إنها التفاتة ذكية في السياسة السعودية الخارجية، لكن يجب المتابعة والاستثمار الاستراتيجي في هذه العلاقات.
8:2 دقيقه
TT
التفاتة ذكية للقرن الأفريقي
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة