أول عملية زراعة عين كاملة في العالم توفر الأمل في استعادة البصر

وسط تحديات في تجديد العصب البصري

الدكتور إدواردو دي رودريغيز قبيل البدء في أول عملية زرع عين كاملة في العالم (رويترز)
الدكتور إدواردو دي رودريغيز قبيل البدء في أول عملية زرع عين كاملة في العالم (رويترز)
TT

أول عملية زراعة عين كاملة في العالم توفر الأمل في استعادة البصر

الدكتور إدواردو دي رودريغيز قبيل البدء في أول عملية زرع عين كاملة في العالم (رويترز)
الدكتور إدواردو دي رودريغيز قبيل البدء في أول عملية زرع عين كاملة في العالم (رويترز)

في إنجاز طبي رائد، أكمل الجراحون في جامعة «نيويورك لانغون هيلث» بنجاح أول عملية زراعة عين كاملة في العالم بوصفها جزءاً من إجراء واسع النطاق لزراعة الوجه. وفي حين أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان المتلقي سيستعيد بصره، فإن الجراحة المبتكرة تمثل خطوة مهمة نحو فهم تعقيدات زراعة العين.

رحلة التعافي

واجه آرون جيمس، البالغ من العمر 46 عاماً، والمقيم في «هوت سبرينغز» بولاية أركنساس، حادثاً غيّر حياته في يونيو (حزيران) 2021 عندما تعرض لصدمة كهربائية شديدة من خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي. وقد أدى الحادث إلى إصابته بجروح خطيرة في الوجه، بما في ذلك فقدان عين واحدة، وتطلب عمليات جراحية عدة لإعادة بناء وجهه. على الرغم من التحديات الجسدية والنفسية، ظل صميم جيمس على التعافي ثابتًا.

آرون جيمس الذي نجا من صدمة كهربائية مميتة بقوة 7200 فولت أثناء عمله عامل خط عالي الجهد في يونيو 2021 (رويترز)

إجراء طبي رائد

اتخذ طريق آرون جيمس للتعافي منعطفاً غير متوقع عندما أصبح مرشحاً لإجراء عملية طموحة بقيادة الدكتور إدواردو رودريغيز، رئيس الجراحة التجميلية في جامعة نيويورك. كان هدف الفريق الجراحي هو إجراء عملية زراعة عين كاملة، بما في ذلك مقلة العين وإمدادات الدم والعصب البصري الدقيق. وفي حين أن هذا الإنجاز يمثل قفزة هائلة في العلوم الطبية، فمن الأهمية بمكان توضيح أن استعادة الرؤية الكاملة لا تزال هدفاً بعيد المنال كما يرى الأطباء.

تقدم جراحي غير مسبوق

بعد إجراء عملية الزراعة المزدوجة للوجه والعين في شهر مايو (أيار) الماضي، أظهر آرون جيمس تقدماً ملحوظاً. على الرغم من أنه يفتقر حالياً إلى حركة العين ومنعكس الوميض في العين المزروعة، فقد أفاد بأنه استعاد الإحساس. وأظهرت العين المزروعة التي تبرع بها أحد الأشخاص صحة ممتازة في أثناء الفحوصات، ولم تظهر عليها أي علامات رفض.

ويرى العلماء أن تجربة زراعة العين تقدم رؤى قيّمة حول استجابة الجسم البشري لمثل هذه الإجراءات الرائدة. وقد راقب الباحثون من كثب رحلة جيمس، بدءاً من الجراحة الأولية وحتى المراحل الأولى من التعافي.

آرون جيمس خلال رؤية وجهه في المرآة لأول مرة بعد خضوعه لعملية جراحية لأول عملية زرع عين كاملة في العالم (رويترز)

البحث عن تجديد العصب البصري

وفي حين أن الإنجاز الجراحي بحد ذاته يُعد هائلاً، فإن التحدي الحقيقي يكمن في تجديد العصب البصري. هذا الهيكل الحيوي يربط العين بالدماغ وهو ضروري للبصر. حالياً، لا يوجد إجراء معروف يمكنه استعادة العصب البصري التالف بشكل كامل. ومع ذلك، فإن التقدم الواعد في الدراسات الحيوانية قد أشعل الأمل.

وتوفر حالة آرون جيمس فرصة فريدة لدراسة عملية شفاء العصب البصري، حيث اكتشف الباحثون بالفعل إشارات مثيرة للاهتمام في عمليات مسح دماغ جيمس، ما يشير إلى إمكانية التقدم في هذا المجال. وأشاد الدكتور جيفري غولدبرغ، رئيس قسم طب العيون في جامعة ستانفورد «بجرأة فريق جامعة نيويورك في متابعة إصلاح العصب البصري»، وأعرب «عن تفاؤله بشأن قدرته على دفع المزيد من الأبحاث».

آرون جيمس والدكتور إدواردو دي رودريغيز الذي أجرى له أول عملية جراحية لزراعة عين كاملة في العالم (رويترز)

رحلة أمل شخصية وطبية

رحلة آرون جيمس، من حادث شبه مميت إلى عملية جراحية رائدة، تجسد تصميم وإرادة الإنسان على تخطي الصعاب والتشبث بالأمل. وفي حين أن الاستعادة الكاملة للبصر لا تزال غير مؤكدة، فإن المعرفة المكتسبة من هذا الإجراء الرائد قد تؤدي إلى إنجازات تحويلية في مجال زراعة العيون وتجديد الأعصاب. وشدد الدكتور ديفيد كلاسين، كبير المسؤولين في الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء، على القيمة الكبيرة لعملية زرع الأعضاء الرائدة هذه، وقال إن لدى المجتمع الطبي الآن فرصة فريدة للتعلم من هذا الإجراء الفردي، ودفع المجال إلى الأمام.

يقول آرون جيمس: «عليك أن تبدأ من مكان ما، ويجب أن يكون هناك شخص أول في مكان ما» ما يعكس تصميمه الثابت الذي يعد بمثابة مصدر إلهام للمجتمع الطبي الذي يغامر سعياً وراء إنجاز طبي أملاً في استعادة البصر لمن فقده.


مقالات ذات صلة

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

صحتك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، ما يوسّع فهم العلم لمسببات الاكتئاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يحذر العلماء من مخاطر تناول بعض الأطعمة بسبب تأثيرها المحتمل على الصحة (دورية ميديكال نيوز توداي)

هل تؤثر الأطعمة فائقة المعالجة على شكل الفك؟

يحذر العلماء حالياً من مخاطر تناول الأطعمة فائقة المعالجة بسبب تأثيرها المحتمل على صحة الإنسان، لكن، الأخطر من ذلك هو تأثيرها المحتمل على كيفية تطور أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شرب الشاي الأخضر يخفض عدد آفات الدماغ المرتبطة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

الشاي الأخضر قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف

ربطت دراسة يابانية جديدة بين شرب الشاي الأخضر وانخفاض عدد آفات الدماغ المرتبطة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك تعمل التمارين الرياضية على تقوية القلب وتقليل تصلب الشرايين وتشجيع الدورة الدموية المحسنة (متداولة)

ما التمارين التي يمكنك القيام بها إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم؟

ثبت أن بعض التمارين تدعم ضغط الدم الصحي مثل التمارين الهوائية وتمارين المقاومة وتمارين القياس المتساوي والتدريب المتقطع عالي الكثافة وغيرها من التمارين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
TT

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 3.8 في المائة من سكان العالم من الاكتئاب، مما يؤثر على نحو 280 مليون شخص. وفي حين أن مجموعة من العوامل بما في ذلك الأحداث السلبية في الحياة، وسوء الصحة الجسدية والإجهاد يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، إلّا أن أسباب الاكتئاب تشتمل أيضاً على عنصر وراثي.

درس فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة إدنبرة وكلية كينغز لندن البريطانيتين، بيانات جينية مجهولة الهوية من أكثر من 5 ملايين شخص في 29 دولة، واحد من كل أربعة من البيانات من أصول غير أوروبية، وهي دراسة أكثر شمولية من البحث السابق عن تأثير عامل الوراثة للاكتئاب والذي ركّز في المقام الأول على السكان البيض الأكثر ثراءً، وأهمل معظم أنحاء العالم.

من خلال تضمين عينة أكثر تنوعاً في الدراسة، تمكن الباحثون من تحديد عوامل خطر جديدة مسببة للاكتئاب. ووجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة «سيل» Cell (خلية) وهي مجلة علمية محكمة مختصة بمجال علوم الحياة، 700 اختلاف في الشفرة الجينية للأفراد مرتبطة بتطور الاكتئاب، ولم يكن ما يقرب من نصف هذه الاختلافات الجينية مرتبطة بحالة الاكتئاب من قبل.

هذه التغيرات الصغيرة في الحمض النووي كانت مرتبطة بالخلايا العصبية في مناطق متعددة من الدماغ، بما في ذلك المناطق التي تتحكم في العاطفة.

وتم تحديد 100 من الاختلافات الجينية غير المعروفة سابقاً على وجه التحديد مرتبطة بالأشخاص من أصل أفريقي وشرق آسيوي وإسباني وجنوب آسيوي الذين تم تضمينهم في الدراسة.

وبينما احتمال تأثير كل عامل خطر وراثي منفرد على الاكتئاب صغير جداً، فإن التأثير التراكمي للأفراد الذين لديهم متغيرات متعددة في الحمض النووي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وفقاً للدراسة.

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً (رويترز)

فهم أوسع لمسببات الاكتئاب

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة، بغض النظر عن العرق، وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً، مما يساعد على تقليل التفاوتات الصحية.

حسبت الدراسة 308 جينات مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب. ثم فحص الباحثون أكثر من 1600دواء لمعرفة ما إذا كان لهذه الأدوية تأثير على تلك الجينات. وبالإضافة إلى مضادات الاكتئاب، حددت الدراسة أن عقار بريغابالين المستخدم في علاج الألم المزمن، ومودافينيل المستخدم في علاج الخدار، كان لهما أيضاً تأثير على هذه الجينات، وبالتالي يمكن استخدامهما لعلاج الاكتئاب.

وقال المؤلفون إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات والتجارب السريرية لاستكشاف إمكانات هذه الأدوية في علاج مرضى الاكتئاب.

وأوضح البروفيسور أندرو ماكنتوش، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة ومن مركز علوم الدماغ السريرية بجامعة إدنبرة «هناك فجوات هائلة في فهمنا للاكتئاب السريري تحد من الفرص لتحسين النتائج بالنسبة للمتضررين. إن الدراسات الأكبر والأكثر تمثيلاً على مستوى العالم ضرورية لتوفير الرؤى اللازمة لتطوير علاجات جديدة وأفضل، ومنع المرض لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة».

وتعليقاً على النتائج، قال الدكتور ديفيد كريباز كاي، رئيس قسم الأبحاث والتعلم التطبيقي في مؤسسة الصحة العقلية، إن المجموعة الجينية المتنوعة للدراسة كانت «خطوة مهمة إلى الأمام» ولكن لا ينبغي استخدام عوامل الخطر الجينية دليلاً نهائياً للعلاج.

وأضاف: «بينما يمكن أن تساعد الأبحاث مثل هذه في تشكيل التدابير لأولئك المعرضين لخطر وراثي أعلى، يجب أن تركز الوقاية من الاكتئاب على معالجة القضايا الأوسع في المجتمع والتي تؤثر على الصحة العقلية إلى حد أكبر بكثير، مثل تجارب الفقر أو العنصرية».

وقالت الدكتورة جانا دي فيليرز، المتحدثة باسم الكلية الملكية للأطباء النفسيين البريطانية: «نرحب بهذا البحث في المتغيرات الجينية التي يمكن أن تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وتنوع الدراسة من حيث التمثيل العالمي يجعله جديراً بالملاحظة بشكل خاص. من خلال تحسين فهمنا لعوامل الخطر الجينية وأسباب المرض العقلي، قد نتمكن من تطوير طرق علاج أفضل».

وتابعت «سنواصل دعم الجهود الجارية للوقاية من المرض العقلي وتحسين النتائج لأولئك المتضررين من الاكتئاب».