ظل شبح السرطان يلوح في الأفق على البشرية على مر العصور؛ فهو السبب السائد للوفيات حتى في العصر الحديث. ومع ذلك، هناك دائما أمل في التوصل لعلاج نهائي له.
ومن أجل التعرف على هذا المرض الخطر واسباب تكاثره وطرق علاجه، يشرح الدكتور نيتين شريفاستافا أخصائي جراحة المسالك البولية زميل الكلية الملكية للجراحين في بريطانيا، بشيء من التفصيل، وذلك وفق تقرير جديد نشره «onlymyhealth» الطبي المتخصص.
ما هو السرطان؟
يقول الدكتور شريفاستافا «عند استيعاب مفهوم السرطان، من الضروري أولاً فهم الأداء المعقد لجسم الإنسان. حيث تتكون أجسادنا من أجهزة مختلفة، كل منها يؤدي وظائف مختلفة. وهذه الأعضاء، بدورها، تتكون من وحدات حية صغيرة تعرف باسم الخلايا، ولكل منها دورها المحدد. فتخضع هذه الخلايا باستمرار للنمو والشيخوخة والتلف والاستبدال بخلايا جديدة؛ وهي عملية منظمة بإحكام. ووفقًا للمعهد الوطني للوقاية من السرطان والبحوث، تشير التقديرات إلى إصابة حوالى 2.7 مليون شخص بالسرطان عام 2020 في الهند. وفي كل عام، يتم تسجيل 1.39 مليون مريض سرطان جديد».
وأضاف شريفاستافا «تؤدي الخلايا وظائفها ضمن حدود معينة. على سبيل المثال، خلايا الكلى مسؤولة عن إخراج الفضلات من الدم إلى البول. وتضمن هذه الخصوصية الوظيفية التشغيل السليم لكل عضو دون التدخل في الآخر. ومع ذلك، إذا بدأت الخلايا في الانقسام والتكاثر دون حسيب ولا رقيب متجاوزة الحدود الطبيعية، فستظهر المشكلات. إذ يؤدي هذا الانتشار غير المقيد إلى كومة من الخلايا المختلة التي تتراكم وتشكل كتلة غالبًا ما يشار إليها باسم الورم».
أنواع الأورام
تصنف الأورام إلى حميدة وخبيثة؛ فالأورام الحميدة بطيئة النمو نسبيًا وتشكل تهديدًا ضئيلًا؛ بينما تنمو الأورام الخبيثة أو السرطانات بقوة، وغالبًا ما تتعدى على الأعضاء المجاورة وتشكل مخاطر صحية كبيرة.
كيف ينتشر السرطان؟
يفيد الدكتور شريفاستافا بأن «تأثير السرطان يمتد إلى ما وراء نقطة نشأته؛ فمع نمو الورم، يمكن أن يحل محل الخلايا التي تعمل بشكل طبيعي ويتلفها. وتجدر الإشارة إلى أن السرطانات تظهر ميزة فريدة؛ هي القدرة على الانتشار إلى الأعضاء البعيدة؛ وهو حدث يُعرف باسم الورم الخبيث. ومن خلال إلقاء الخلايا المجهرية في مجرى الدم أو سوائل الجسم الأخرى، يمكن للخلايا السرطانية أن تزرع نفسها في أعضاء بعيدة، ما يؤدي إلى نمو سرطاني ثانوي».
التكاثر والمراحل المتقدمة
ويوضح الأخصائي «يمثل الانتشار تطور السرطان عادة في العظام والرئتين والكبد والدماغ. ويصنف هذا التطور المرض على أنه سرطان متقدم أو سرطان في المرحلة الرابعة. وفي حين أن مثل هذا التشخيص قد يثير القلق، فمن المهم ملاحظة أن التطورات الطبية الحديثة أحدثت ثورة في علاج السرطان، حتى بالنسبة للحالات المتقدمة».
الأعراض والأسباب والوقاية والعلاج
وسلط الدكتور شريفاستافا الضوء على أن «سرطانات المرحلة الرابعة كانت تعتبر في يوم من الأيام غير قابلة للشفاء، ولكن الاختراقات في العلوم الطبية قد غيرت هذا التصور. فقد أدت العلاجات المبتكرة مثل العلاج الكيميائي والعلاج المناعي والعلاج بالخلايا الجذعية والعلاج الإشعاعي إلى تحسن كبير في تشخيص المرضى المصابين بالسرطان المتقدم. لا تهدف هذه العلاجات إلى إطالة العمر فحسب، بل تهدف أيضًا إلى تحسين جودتها».
أهمية الاكتشاف المبكر
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، عندما يتم تأجيل علاج السرطان أو عدم توفره تقل احتمالات النجاة وتزداد المضاعفات المتعلقة بالعلاج وترتفع نفقات الرعاية.
فخلال المراحل الأولى من السرطان، قد لا يكون من السهل ملاحظة العلامات، ما يجعل من الصعب اكتشاف المرض مبكرًا. ومع ذلك، مع تقدمه، قد تبدأ الأعراض الأكثر تحديدًا في مناطق معينة في الظهور. إذ يعد اكتشافه مبكرًا أمرًا مهمًا حقًا لأن السرطان غالبًا ما يتبع نمط (الانتقال من نقطة البداية أو نقطة محلية إلى التأثير على المناطق المجاورة ثم الانتشار على نطاق واسع في النهاية).
ويعد نوع السرطان ومكانه ومدى تقدمه من العوامل الرئيسية في تحديد أفضل نهج علاجي.
فحص السرطان
على الرغم من أنه غالبًا ما يكون من غير الممكن منع العديد من أنواع السرطان، إلا أنه من الضروري إدراك أنه منتشر. وهذا يؤكد أهمية التعرف على أعراضه والخضوع للفحوصات الروتينية والتقييمات الصحية.
وفي العصر الحالي، يخضع العديد من الأفراد لفحوصات روتينية لمراقبة مشاكل القلب والكوليسترول ومستويات السكر في الدم. ومن المهم بنفس القدر دمج اختبارات فحص السرطان في هذه الأجهزة الصحية
هل السرطان وراثي؟
وتبين الدكتورة فينيتا جويل أخصائية السرطان بمستشفى فورتيس بدلهي «إذا تساءلت يومًا ما إذا كان السرطان يمكن أن ينتشر في العائلات، فإن الإجابة في الغالب هي لا . وفي حين أن التغييرات في جيناتنا يمكن أن تسبب السرطان، فهي ليست دائمًا شيئًا نرثه من آبائنا. يُعتقد أن حوالى 5-10 % فقط من السرطانات مرتبطة بجيناتنا التي يتم تناقلها. ويمكن أن تكون بعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي والبروستاتا والقولون والمبيض والرحم وراثية في بعض الأحيان ولكنها ليست شائعة جدًا».
وفي حين أن كلمة «سرطان» قد تثير الذعر في البداية، إلّا أنه من الضروري التعامل معها بمعرفة وسلوك هادئ. لأن فهم تعقيدات السرطان يمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات علاج مستنيرة. كما يمكن أن يؤثر البحث عن معلومات دقيقة والتواصل مع المتخصصين واستكشاف الشبكات الداعمة بشكل كبير في رحلة المرء من خلال تشخيص السرطان وعلاجه.