في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الجاري، أعلن إيلون ماسك، مالك شركتي «تسلا» و«سبيس إكس» عن امتلاكه 9.2% من منصة «تويتر»، ليزيد سعر السهم في ذلك اليوم بنحو 27%، ولكونه أحد أكبر ملّاك الشركة، فقد دعاه مجلس إدارة الشركة ليكون عضواً فيها، وقَبِل ماسك في البداية، ولكنه بدّل رأيه بعد ذلك دون تفسيرات واضحة. وفي الثالث عشر من الشهر، غرّد ماسك بأنه قدّم عرضاً لشراء «تويتر»، «نقداً» بقيمة 54.20 دولار للسهم، مقيّماً الشركة بـ43.4 مليار دولار. هذا السعر أعلى مما دفعه ماسك لشراء حصته بقرابة 30%، فما دوافع ماسك لشراء «تويتر»؟ وما مدى جديته في هذا العرض وإمكانية شرائه للشركة؟
أبرز ما يريد ماسك تغييره في «تويتر» هو زيادة مساحة حرية التعبير. فقد صرّح بأن «تويتر» فشل في الالتزام بمبادئ حرية التعبير، وأن «تويتر» منصة يجب أن يزيد هامش الحرية أكثر مما هي عليه اليوم. كما اقترح أن يُوقَف من يخالف قوانين «تويتر» بشكل مؤقت، بدلاً من إلغاء حسابه بشكل دائم. كما غرّد ببعض التعديلات التي قد يُحدثها على «تويتر» مثل إضافة خيار التعديل على التغريدات بعد نشرها، وجعل المنصة أكثر شفافية بالإعلان عن الخوارزميات التي تستخدمها المنصة. وأضاف أن لـ«تويتر» إمكانات هائلة يريد أن يطلق لها العنان، وأن قراره شراء «تويتر» ليس بدافع مادي، وإنما للمصلحة العامة. كما أوضح رغبته في إيقاف رسائل الإزعاج (سبام) وبرامج الإعلانات، وجيوش «تويتر» التي تهدف إلى توجيه الرأي العام. بعض هذه التعديلات تبدو منطقية، بل قد طالب بها الكثير من مستخدمي المنصة، كما صرحت الشركة سابقاً بأنها تقوم بالفعل بالعمل على إضافة خيار التعديل على التغريدات. وبفرض أن نيات ماسك صادقة بشأن «تويتر»، ماذا عن مدى جدّيته في عرضه لشراء المنصة؟
أول ما شكك الشارع الاستثماري في عرض ماسك هو المبلغ الذي عرضه للسهم (54.20 دولار)، والرقم 420 هو كود غير رسمي ومتعارف عليه في الولايات المتحدة لحشيش الماريغوانا، وسبق لـماسك الظهور في لقاء تلفزيوني وهو يدخن الماريغوانا. ويُعرف عنه حبه لاستخدام هذا الرقم كدعابة، ففي عام 2018 صرح بأنه على استعداد لشراء جميع أسهم «تسلا» بـ420 دولاراً للسهم، وأن النقد متوفر لديه، ليصرح لاحقاً بأن هذا التصريح كان مجرد وسيلة لإبهار عشيقته كلير بوتشير. وقد قاضته لاحقاً هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لهذا السبب. والسبب الثاني للتشكيك في عرض ماسك استخدامه النقد لتمويل هذا الشراء، ومع أن ماسك هو أحد أثرى أثرياء العالم إن لم يكن أثراهم، فإن شراء 100% من أسهم «تويتر» نقداً يحتاج إلى سيولة هائلة، ومعظم ثروة ماسك الحالية مربوطة بأسهم شركاته وأهمها «تسلا».
ويبدو أن مجلس إدارة «تويتر» لم يُعجب بردّة فعل ماسك برفضه الانضمام لمجلس الإدارة وتفضيله خيار الاستحواذ القسري على الشركة بهذه الطريقة. كما رأى أن هذا التقييم غير عادل لكون ماسك سوف يحصل على امتياز التحكم في الشركة. ولذلك فقد استخدم الخيار المسمى «حبة السّم» وهو خيار استخدمته الشركات منذ الثمانينات الميلادية كإجراء دفاعي ضد الاستحواذات القسرية. وبموجب هذا الخيار الذي يسمى رسمياً «خطة حقوق الملاك»، يحق لجميع مساهمي «تويتر» شراء أسهم الشركة بنصف سعرها في حال تجاوزت نسبة أيٍّ من المُلّاك 15% دون موافقة مجلس الإدارة. ويخشى المجلس من امتلاك ماسك هذه النسبة كون ذلك يعطيه الحق في التحكم بتوجّه الشركة حتى دون وجوده في منصب تنفيذي بالشركة.
وجهة نظر نحو «تويتر» فيها بعض الصحة، فقد انتقد المستثمرون «تويتر» كثيراً بسبب عدم نمو عدد مستخدميه، وضعف نموه بشكل عام، فقيمة الشركة الآن نحو نصف منافستها «سناب تشات»، ولكن ماسك صرح بأن هدفه ليس مادياً، أي إن رغبته في الشراء غير مدفوعة بالعامل الاقتصادي بل بدعم حرية التعبير. هذا الأمر فجّر نقاشاً حاداً في الأوساط السياسية، وطرح أسئلة مثل: هل يمكن لمنصة يملكها شخص واحد أن تدعم حرية التعبير عن آراء الجميع؟ وما تعريف ماسك لحرية التعبير؟ وهل في هذا الدعم مصلحة للعالم كما يرى ماسك؟
وبكل الأحوال لا يبدو أن عملية الشراء هذه ستتم، فبطرح خيار «حبوب السم» والذي يستمر لعام كامل، فلن يتمكن ماسك من شراء «تويتر» من المساهمين الحاليين، وقد يكون خيار التفاوض مع مجلس الإدارة طريقه الوحيد لشراء المنصة. كما أن الشارع الاستثماري استجاب في بداية الأمر لعرض الشراء وزادت الأسعار بعد الافتتاح بشكل متسارع، قبل أن تعود للانخفاض لمستويات ما قبل الافتتاح، وهو دليل على أن «وول ستريت» لم يأخذ عرض ماسك بشكل جدي.
8:37 دقيقه
TT
ماذا يريد ماسك من «تويتر»؟
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة