د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

مصر والسعودية والعلاقات المتميزة

العلاقات السعودية - المصرية كانت ولا تزال متميزة، تتسم بالقوة والاستمرارية والتطور، وهذا ما أكده الرئيس المصري بالقول: «أؤكد اعتزازي الدائم بالعلاقات المتميزة التي تربط مصر والسعودية على المستويين الرسمي والشعبي»، والملك المؤسس الراحل عبد العزيز قال: «لا غنى للعرب عن مصر... ولا غنى لمصر عن العرب».
فالعلاقات المشتركة والمصالح المتبادلة بين السعودية ومصر على جميع الأوجه السياسية والاقتصادية والتجارية لها تاريخ وجذور من الترابط والتماسك في السراء والضراء، ففي ذاكرة العلاقات كانت المملكة العربية السعودية تقف بكل ثقلها إلى جانب مصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقدمت لمصر في 1956 نحو 100 مليون دولار، بعد سحب العرض الأميركي لبناء السد العالي، وساندت مصر في العدوان الثلاثي وشارك في الحرب الملك سلمان والملك فهد والأمير تركي، والأمير محمد، وبعد انتهاء العدوان الثلاثي قام الملك سلمان بتشكيل لجنة لجمع التبرعات لصالح أهالي السويس، باسم «لجنة التبرع لمنكوبي السويس».
العلاقات السعودية - المصرية الرسمية لها جذور وامتداد منذ اتفاقية دفاع مشترك وقعت عام 1955 بين البلدين، ورأس وفد المملكة العربية السعودية حينها الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، ولا ننسى من المواقف التاريخية قرار الملك فيصل بن عبد العزيز أثناء حرب أكتوبر (تشرين الأول) بقطع إمدادات البترول لوقف العدوان على مصر.
فالعلاقات المصرية - السعودية مثال عربي يحتذى في مجال العلاقات بين الدول في مجالات مختلفة؛ منها الاقتصادي والتجاري والصناعي والعسكري والتقني والطبي وحتى العلاقات الثقافية والدينية، حيث تم الاتفاق على نهج الفتوى واعتبار أن الاختلاف هو اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد.
ولعل مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية المشتركة مع السعودية مثالٌ ناجحٌ على حجم التبادل الاقتصادي، فالقاهرة بين أكبر 20 شريكاً تجارياً للرياض بنحو أكثر من مائة مليار هو حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر خلال 10 أعوام ماضية، وفق تقرير جريدة «الاقتصادية».
ولعل استثمار اللغة الدبلوماسية التي دأب الطرفان على استخدامها نظراً لعمق العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، كان عاملاً مهماً وناجحاً، في معالجة قضايا المنطقة.
التلاقي السعودي - المصري هو تكامل أدوار لأكبر قوى عربية وإقليمية فاعلة في المنطقة، ربطه تاريخ طويل، وليس وليد اليوم وليس موجهاً ضد أحد، بل كان الدور المشترك السعودي - المصري داعماً ورافداً لقضايا الأمة العربية والإسلامية وعامل توازن واستقرار أمام محاولات الاستقطاب والاحتواء والتغول الإيراني في المنطقة العربية خاصة، والإسلامية عامة.
تطور العلاقات السعودية - المصرية بالتأكيد ينعكس إيجاباً على القضايا العربية والمشاكل في دول المنطقة بدءاً من سوريا ومروراً بليبيا وانتهاء باليمن والعراق، فالتغول العدواني في المنطقة يضع الدولتين (مصر والسعودية) في سلة واحدة في تعاطيه مع المنطقة، وبالتالي لا يمكن أن يكون الموقف العربي منفرداً في مواجهة هذا التغول، فالتحالف المتوازن بين السعودية ومصر يقوم على رفض كل التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية.
العلاقات السعودية - المصرية ستبقى متميزة ثابتة لأنها مستمدة من تاريخ طويل جمع البلدين والشعبين عبر سلسلة من الأحداث والوقائع يمكنها أن تحصن العلاقات من أي خلافات تشوبها أو تعترضها مستقبلاً.