مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

حارس المرمى الفاشل يتكلم

مدرب نادي الهلال السعودي البرتغالي (جارديم)، أبلغ الإدارة في النادي أنه بحاجة للتعاقد مع حارس مرمى بارع أكثر من التعاقد مع أي لاعب آخر.
وما إن قرأت كلامه، وبحكم أنني في شبابي الغابر كنت حارس مرمى (فاشلاً)، وأستطيع أن أدلي بدلوي في هذا المضمار بحكم خبرتي - رغم فشلي - والاعتراف مثلما يقولون فضيلة، فعندها لم يخطر على بالي سوى الحارس السنغالي العملاق (ميندي)، الذي قدم إلى فرنسا ولا يحمل من المؤهلات العلمية شيئاً يذكر، وأكثر الأحيان يعتاش على إعانة البطالة.
غير أن تكوينه الجسماني لفت نظر وكيل أعمال يتربّح من التعاقد مع أصحاب المواهب من الرياضيين، فعرض عليه أن يلحقه بأحد النوادي من الدرجة الثانية، وما صدق المسكين أن أتاه هذا العرض الذي لم يكن يتوقعه أو حتى يحلم به، ووافق على الفور على أن يضمن له النادي غرفة ينام فيها مع ضمان معيشته اليومية بالأكل، وفعلاً عقد معه تلك الصفقة المتواضعة، والتحق بنادي (رميس) عام 2016 كحارس احتياطي في المباريات.
وجاءته الفرصة عندما طرد الحارس الأول للفريق، وحل هو مكانه وأبلى بلاءً حسناً، وعندها جعلوه أساسياً، وساعد النادي على الصعود إلى الدرجة الأولى ومنها إلى الممتاز عام 2018، واستطاع أن يحافظ على نظافة شباكه في 19 مباراة، إلى درجة أنه لفت نظر أجهزة الإعلام الرياضية، الذين أخذوا يتسابقون لإجراء المقابلات معه، وبدأت الأنظار تتجه نحو (ميندي)، الذي ولد لأم سنغالية وأب من غينيا، فتهافتا عليه وكل منهما يريد ضمه إلى منتخبه، واختار هو منتخب السنغال نتيجة لمحبته وتعلّقه بوالدته، وجذب اهتمام مدرب حراس نادي (تشيلسي) الإنجليزي الذي رشحه عند إدارة النادي، وضموه عام 2020. وأبدع في الذود عن مرماه أي إبداع، وأكبر دلالة أن النادي حاز (كأس إنجلترا) و(كأس أوروبا).
واستطاع في المباراة الشهيرة بين مانشستر سيتي وتشيلسي أن يتصدى لركلة الجزاء التي سددها الأرجنتيني (سيرجيو). وميندي لا أعتبره أنا وحدي بل يعتبره الراسخون في علم كرة القدم أعظم حارس مرمى في العالم.
أعود لنادي الهلال وأقترح عليهم شراءه، ولكن ثمنه قد يكون إعجازياً، ولو أن الحيوانات كان مسموحاً لها بالالتحاق بنوادي البشر كحراس مرمى، لرشحت الكلب (بوبي) لشرائه لأي نادٍ يبحث عن حارس لا (قبله ولا بعده)، حيث إن ذلك الكلب خضع للتجربّة، فتصدى لعشر ضربات جزاء، فصدها كلها، من دون أن تدخل المرمى واحدة منها.