تاريخيا لا أعرف بالضبط متى ظهر اللاعب سعد الحارثي، لكني أخمن أنه جاء في حقبة الشباب النصراوي التي أعقبت رحيل الشهير التاريخي ماجد عبد الله، الذي تحول اعتزاله الكرة أواخر التسعينات من القرن الماضي إلى عبء على أي موهبة يقدمها النصر في خط الهجوم، ومنهم الحارثي، الذي سبقته أسماء كثيرة لم تعمر في الملاعب، كحسين هادي، وعلي يزيد، وريان بلال. ومنطلق العبء هو أن جماهير النصر تسقط من «اللاوعي» حلمها بتعويض ماجد على أي مهاجم جاء بعده، لحد أنها تغالي، وتبدأ بإطلاق الألقاب، من عينة «الذابح»، وهو لقب غريب - عندي - لا أفهمه، وقد يتناقض مع مقاصد نبل الممارسة الرياضية.
مذ أطلق هذا اللقب العجيب، والبشع في أبعاده القيمية، على الحارثي، وهو يبتعد تدريجيا عن موهبته وفكرة الارتقاء بها، حتى انتهت به الحال (احتياطا) في الهلال الذي طوى كتاب رحلته الكروية القصيرة، مفضلا الاعتزال المبكر على (التسكع) في الأندية ذات الشعبية المحدودة.
نهاية الحارثي، والتي يرجعها البعض إلى أيامه الأخيرة مع النصر قبل انتقاله للهلال عام 2011، تطرح إشكالية استسلام اللاعب الموهبة لإغراءات وسلطة النجومية، وهي السيف القاتل الذي لطالما أنهى طاقات كروية واعدة كثيرة في الملاعب السعودية، انتهت قبل أن تكتمل موهبتها، ودائما استشهد بلاعب الوحدة والأهلي سابقا عبيد الدوسري، الذي كان مرتقبا إبان ظهوره منتصف تسعينات القرن الماضي، أن يكون خير خلف لماجد عبد الله - مع الفارق - لكنه انتهى ضحية الافتتان بملذات (النجومية) العابرة، وسواه كثيرون يعرفهم جيدا المتابع لمسلسل (انطفاء النجوم قبل أوانها)، لعل أبرزهم كمماثل للحارثي الموهوب جدا فهد الغشيان، الذي كانت صفقة انتقاله للنصر 2001 أكثر دويا من انتقال الحارثي للهلال.
ولأن من نافلة الحديث القول بأهمية الدراسات والبحوث العلمية في تنمية وتغيير المجتمعات، سأعلن جهلي بوجود أي دراسة من هذا النوع تبحث في هذه الظاهرة المهمة جدا - في تصوري - حتى يمكن معرفتها بوضوح، ومواجهتها برؤى ثاقبة، كي لا نشهد مزيدا من انطفاء المواهب والنجوم في زمن يوصف بأن المواهب الكبيرة عزت فيه.