وسط تتالي الجولات في الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم، يقف طابور من المدربين على حافة الإقالة؛ مترقبين ما سيحصلون عليه من شروط جزائية باهظة، تذهب لحساباتهم البنكية كما فعل نونو سانتو، وغاياردو مع الاتحاد، وكاسترو مع النصر... وروبيرتو مانشيني مع المنتخب السعودي.
4 مدربين فُسخت عقودهم لأسباب واحدة، وهي الخضوع لمطالب الشارع الرياضي الذي تم تهييجه بنجاح من قِبل «إعلام محتقن» ليضطر المسؤولون عن هؤلاء المدربين إلى التجهز لدفع نحو 350 مليون ريال سعودي في غمضة عين!
أعتقد أن أسهل قرار في كرة القدم السعودية هو إقالة مدير فني وطاقمه، ويكفي أن الإحصائيات الرسمية تقول إنه منذ 2008 وحتى الآن، تم فسخ عقد 244 مدرباً بسبب العقلية الإدارية التي تدير أنديتنا في الدوري السعودي.
لا شك على الإطلاق أن المبالغ التي تتسبب بها هذه «العادة السيئة» الملازمة لكرة القدم السعودية منذ عقود ولا تزال، باهظة جداً ومكلفة لكنها بالنسبة للمسؤولين طبيعية واعتيادية؛ كون الأمر نتيجته «ادفع»، والحقيقة أنه قادر على ذلك طالما أنه لا توجد محاسبة أبداً.
ربما أستطيع تمرير كثير من حالات فسخ العقود التي تمت لمدربين في الدوري في الفتر من 2008 إلى 2022 لأسباب غياب المحاسبة والتدقيق في تلك الفترة، لكن لا يمكن لي أن أبرر حالات الفسخ التي تمت في السنتين الأخيرتين لوجود شركات ناضجة مالكة للأندية من مبادئها الرئيسية الحوكمة العالية والرقابة الشديدة على الإنفاق، لكنها وللأسف تحدث وتستمر!
قلت في البداية إن طابوراً طويلاً من المدربين الأجانب يقف على حافة الإقالة في الدوري السعودي، حيث يهتف المشجع الاتحادي بصوت عالٍ لطرد مدرب فريقه الفرنسي لوران بلان ويساعده في ذلك إعلامه، كما يفعل «الإعلام المهيج» مع الانجليزي سيتفان جيرارد الذي يدرب الاتفاق، حيث يضغط على إدارة النادي لطرد أسطورة ليفربول بحجة أن الفريق لا ينافس، مع العلم أن الشرط الجزائي لجيرارد يقارب الـ56 مليون ريال، لكنها في نظرة «قصيري النظر» ليست مهمة والأهم الإقالة من دون تفكير.
بلان الاتحادي وجيرارد الاتفاقي ويايسله الأهلاوي يعملون حالياً تحت الضغط، وسط بيئة إعلامية وجماهيرية طاردة لا تمنحك فرصة البناء الطويل، حيث مطالب تحقيق البطولات دون النظر لأبجديات التاريخ وسبل الفوز ومعايير التفوق التي تحتاج إلى تأنٍ وصبر لتصل إلى هدفك الأخير.
أتفهم صدور إقالة بعد عامين ونصف العام أو ثلاثة أعوام وأكثر، لكن لا يمكنك قبولها بعد فترة عام أو أشهر معدودة.
أي مشروع بناء لفريق لا يمكن لعبقري أن يحكم عليه بالنجاح أو الفشل خلال عامين أو أقل، واستمرار ذلك يعني أن الأندية ستكون رهينة التغيير المستمر وإهدار مئات الملايين من الريالات كما يجري هنا في «الدوري السعودي».