د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

«كورونا»... هل العدوى تعم واللقاح يخص؟

جائحة «كورونا»... كانت العدوى متاحة للجميع، لكن البعض الآن يتساءل هل سيكون اللقاح متاحاً للجميع؟ بسبب غلاء تكلفة اللقاح، والحاجة لأكثر من جرعة.
فقد بدأت الدول تتسابق للحصول على اللقاح في ظل تخوف لدى الشعوب الفقيرة ألا يكون اللقاح في متناولها، فيما سبقت المملكة العربية السعودية الجميع بالتأكيد أن لقاح «كورونا» حق للجميع في المملكة، وأنها ستكون من أوائل الدول التي ستحصل على اللقاح في أول تأكيد عربي وعالمي لعدالة التوزيع.
في ظل حمى سباق غير مسبوق للاستحواذ على حقوق وتسويق أول لقاح فعال ضد فيروس «كورونا»، سبقت «فايزر» الجميع بالإعلان عن نجاح اللقاح بنسبة فاعلية 90 في المائة، قبل أن تتراجع وتعلن أن الفاعلية 95%، بدون أن توضح كيفية القفز 5 في المائة خلال أيام معدودة، تخللها إعلان «مودرنا» أن لقاحها بفاعلية 94.5 في المائة، الأمر الذي يطرح كثيراً من التساؤلات عن سر قفز «فايزر» بنسبة الفاعالية بدون توضيح، في ظل صعوبة نقل لقاح «فايز» لكونه يحتاج درجة حرارة تصل إلى 80 تحت الصفر، الأمر الذي يجعله صعب الاستخدام، في مقابل لقاح «مودرنا» الذي يمكنه البقاء خارج الثلاجة 12 ساعة، في حين تكلفة لقاح «أكسفورد» أقل بـ5 أضعاف عن لقاح «فايزر» أو «مودرنا»، الأمر الذي يجعله الأقرب للفوز وإنهاء السباق.
فسباق الشركات على الإعلان عن الانتهاء من اختبار اللقاح، قد يتسبب في كارثة، بخروج لقاحات غير محسوبة العواقب، نتيجة التسرع في الإنتاج على حساب الجودة، فاللقاح الفعال والآمن في حاجة لسلسلة من الدراسات والأبحاث.
التساؤلات لم تكن فقط عن نسبة الفاعلية، بل إن الرئيس ترمب أعلن أن «فايزر» تعمدت الإعلان عن نهاية التجارب بعد الانتخابات لكي لا يحصد ثمارها في الانتخابات، ما يجعل الشركات جزءاً من الحرب السياسية، وفق تصريحات ترمب.
وباء «كورونا» خالطه التهويل والتهوين حتى التضليل، لتبقى بعض التساؤلات ونظرية المؤامرة متداولة عن تفسير الانتشار غير المسبوق لـ«كورونا» بين محاولات الحكومات «الخفية» و«مؤامرة» انخفاض عدد السكان، ولعل بعض هذه الادعاءات منسوبة إلى مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس أنه «اخترع» فيروس «كورونا»، و«يريد إفراغ الأرض من سكانها»، واتضح أنها مزاعم كاذبة.
ضمن نظرية المؤامرة استشهاد البعض بفيلم سينمائي أميركي عرض عام 2011 وهو فيلم «Contagion» من إخراج ستيف سوديربرغ، وقد تحدث قبل سنوات عن كارثة مشابهة؛ حيث أظهر الخفافيش، معتبراً أنها أصل تفشي الفيروس.
العزوف عن تصديق قصص المؤامرة، لم يمنع صناع هذه النظريات من الاستمرار في ضخ مزيد من الأخبار المضللة عبر شبكات الأخبار ومواقع التواصل التي كثيراً ما تتناقل الأخبار بدون أي تدقيق في مصادرها.
انتشار نظريات المؤامرة وخطاب الكراهية دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للقول: «تفاقمت مشاعر معاداة الأجانب على الإنترنت وفي الشوارع، وفَشَت نظريات المؤامرة المعادية للسامية، وتعرض المسلمون لاعتداءات ذات صلة بـ(كوفيد 19)»
يجب ألا تحرمنا نظرياتُ المؤامرة فرحةَ إنتاج اللقاحات، التي يجب أن تكون هناك سياسة دولية عادلة في توزيعها، بعد أن تمنح التراخيص، فكما كان الوباء للجميع، كذلك يجب أن يكون اللقاح متاحاً للجميع من دون تمييز.