مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

بيني وبين النار {دكتوران}

استصبت عندما عرفت أن {توأمين} سعوديين يعتنقان الفكر {الداعشي} الضال كفّرا أسرتهما، بعد أن ضاقا ذرعاً بسبب كثرة النصائحهم لهما بترك هذه الطريق العوجاء، فقررا تصفيتهم جميعاً، وأول ما بدأوا به أمهما المسكينة، حيث استدرجاها إلى إحدى الغرف بالمنزل وأمسك بها الأول بقوة من الخلف، ووضع يده اليسرى على فمها حتى لا يسمع أحد صوتها، وقضيا عليها طعناً ونحراً بالسكاكين.
وما كادا يخرجان حتى شاهدا أباهما وأخاهما يدخلان، فواجهاهما وطارداهما بالسكاكين والسواطير، وكادا يقضيان عليهما، لولا أنهما هربا ملطخين بالدماء.
ثم خطفا سيارة في الطريق وانطلقا بها واختفيا عن الأنظار، غير أنه قُبض عليهما بفضل الله بعد فترة قصيرة.
والآن بعد 4 أعوام مضت على هذه الحادثة، حكم أخيراً على القتلة بالقصاص تعزيراً، واحتج البعض على تأخير القصاص، ولكنني أعتقد أن المسؤولين على صواب لأخذ أكبر معلومات عندهما، وعن أسماء وأماكن من غرروا بهما وغسلوا أدمغتهما.
أعتذر منكم لأنني أول ما بدأت به هو هذا الخبر المرعب، ولكن هذه الاتجاهات أو المنظمات الإرهابية هي آفة هذا العصر، وهي البلوى التي نزلت على بعض المجتمعات الإسلامية، ابتداء من «القاعدة»، إلى «داعش»، إلى «طالبان»، إلى «حركة الشباب الصومالية»، إلى «حركة الإصلاح»، إلى «بوكوحرام»، {ويا قلبي لا تحزن}، كلها وعن بكرة أبيها والغة بالدماء إلى حناجرها. إنها {سرطان} لا علاج له غير اجتثاثه من جذوره.
غير أن هناك قاضيين ينطبق عليهما بيت الشعر الذي قاله {سفيان الثوري}، وجاء فيه؛ يا معشر العلماء يا ملح البلد - ما يصلح الملح إذا الملح فسد.
الأول قاضٍ يعمل في محكمة المدينة المنورة، اتهم بالاختلاس، ليفاجئ الجميع برمي التهمة على {الجن} التي دفعته للاستيلاء على 600 مليون ريال، عن طريق ما يعرف في أوساط الرقاة بـ{التلبّس}.
ولكن النقود استردت، وحكم على القاضي بالسجن لمدة 20 سنة.
والثاني قاضٍ في حوطة بني تميم، حسب رواية الدكتور {مرزوق بن تنباك}، عندما حكم القاضي بالقصاص قبل عدّة عقود على رجل كفيف، عمره 80 سنة، لأن الجن قد تلبّسته ونفذ فيه الحكم، والمضحك المبكي أن القاضي استشهد بأقوال 12 جنّياً، وهذا مكتوب ومنصوص عليه في ورقة ضبط المحكمة، التي أظهر صورتها الدكتور عبر شاشة التلفزيون أثناء المقابلة التي أجراها معه الدكتور {أحمد العرفج}.
وها أنا ذا أضع بيني وبين النار ليس مطوعاً واحداً، وإنما {دكتوران}.