مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

وجه الجوكر... وقناع فانديتا

الضجة التي أحدثتها النسخة الجديدة من فيلم «الجوكر» الذي أُطلق في صالات العرض الأميركية، تفتح النقاش المثير من جديد.
شخصية الجوكر الشهيرة، ممثل الشر مع باتمان، الرجل الخفاش، ممثل جانب الخير، قديمة منذ مجلات الكوميكس، حتى النسخ الحديثة من أفلام الأبطال الخارقين.
صار تقليد الجوكر، الشريّر، وليس باتمان الخيّر، ظاهرة شبابية، خاصة بعد الأداء الخرافي لها من قبل الشاب الأسترالي المبدع هيث ليدغر عام 2008 الذي انتحر بعدها بقليل!
هذا يقود إلى تكتيك الرموز والأقنعة التي تصبح رمزاً عالمياً لحركات سياسية، كما قناع فانديتا Vendetta. ظهر قناع فانديتا في السينما لأول مرة عام 2005 ثم وصل ذروة الهوس العالمي من خلال المسلسل الإسباني الموجود على نتفليكس «la casa de papel» أو «البروفسور»، كما ترجم للعربية، والذي صار صرعة عالمية، حيث نجد شخصاً بالغ الحيلة والدهاء، البروفسور، يقود عصابة من شخصيات «مضطربة» نفسياً، للسطو على البنك المركزي للدولة الإسبانية، وكان قناع فانديتا وسيلة العصابة للتخفي، لكن اللافت في المسلسل الشحنة اليسارية المتطرفة الفوضوية المعادية للمؤسسات وبنى الدولة.
في مشهد من المسلسل، نجد زعيم العصابة يرفع من معنويات عصابته بقوله إن رسالة العصابة «المثالية!» وصلت للعالم، وتمر خلالها لقطات لمظاهرات حتى جماهير كرة قدم يرفعون وجه فانديتا، ويعتبر البروفسور ذلك نصراً له وإيماناً بقضيته.
نرجع لفيلم «الجوكر» المثير للجدل حالياً، فقد ذكرت وسائل إعلام أميركية أن الجيش أصدر توجيهاً إلى أفراده، أشار فيه إلى وجود تهديدات «ذات مصداقية» بحدوث إطلاق نار جماعي مع بدء عرض الفيلم في صالات السينما.
هذا التحذير سببه ما جرى عام 2013، حين قُتل 12 شخصاً وجُرح 70 بمدينة أورورا بولاية كولورادو الأميركية، عندما فتح رجل النار على الحضور أثناء عرض فيلم باتمان «صحوة فارس الظلام».
ساندي فيليبس، واحدة من أقارب الضحايا قالت، كما جاء في تقرير لـ«بي بي سي»، إن الفيلم يذكرها بجيمس هولمز، منفذ الهجوم الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
طبعاً صناع العمل دافعوا عنه الدفاع المعتاد، أن كلام الناس عنه مجرد توهمات، وأن وظيفة الفيلم هي إثارة الجدل... إلخ.
خلاصة الفيلم سرد الأسباب التي أدت بالجوكر إلى هذا السبيل، بعد أزمات معينة في حياته... هل هذا تبرير له؟ الشركة المنتجة تقول لا.
نحن هنا أمام ظاهرة ليست محصورة بشاشات العرض، سواء في صالة السينما أم على أريكتك بمنزلك من خلال شاشة الآيباد... نحن أمام فعل على الواقع يستمد طاقته من سردية الفيلم. كما في مثال مجزرة سينما كولورادو.
الأمر كبير لدرجة أن عالم النفس ترافيس لانغلي، وهو مؤلف كتاب «نفسية الجوكر - المهرجون الأشرار والنساء اللاتي يحبونهم»، قال، حسب «بي بي سي»، إن «البعض منا يريد أن يتخيل ما يمكن أن يفعله في غياب أي قيود».
العالم متصل بعضه ببعض، اليوم، على مدار الدقيقة، شراً... وخيراً.