تبذل المملكة العربية السعودية كل الجهود الممكنة لخفض منسوب التوتر في المنطقة وتعزيز السلم والاستقرار.
في المقابل تقوم إيران بعكس ذلك تماماً. تقف إلى جانب المملكة معظم دول العالم مناديةً بضرورة معالجة الخطر الذي تجسده إيران على الأمن والسلم الدوليين بمنظور شامل، بما فيه برنامجها النووي الذي أصبح كابوساً يهدد المنطقة والعالم.
تفاءل المجتمع الدولي بعد اتفاق لوزان أو ما يسمى «5+1» الذي أُبرم في أبريل (نيسان) عام 2015 بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا مع إيران. ظن المتابعون أن هذا الاتفاق سوف يضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مقابل إلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام. ولإضفاء صبغة شرعية على الاتفاق أصدر مجلس الأمن قراره رقم 2231 متضمناً خطة عمل شاملة، وجدولاً زمنياً لتنفيذ الاتفاق. كما هي عادة طهران اختلقت ذرائع واهية لعدم تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق، وما نص عليه قرار مجلس الأمن في فقراته العاملة. بل إنها استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات واستخدمته للاستمرار في زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتطوير برنامج صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها ميليشيا الحوثي و«حزب الله». على أثر ذلك وبعد نفاد صبر المجتمع الدولي، أعلن الرئيس الأميركي ترمب عن استراتيجية لمواجهة إيران، من خلال الاستخدام المنضبط للصلاحيات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الأميركية سعياً لتحقيق الأهداف المحددة بكل عناية وفي مقدمتها «الشخصية الثورية للنظام الإيراني، ممثلة بالحرس الثوري، وليس إيران كدولة، بالإضافة إلى تهديدها حرية الملاحة في مضيق هرمز وتدخلها السافر في اليمن». تجدر الإشارة إلى أن اتفاق لوزان الركيك، لم يكن الوحيد للحد من طموحات إيران النووية، بل سبقته سلسلة من المبادرات والقرارات لنفس الغرض، باءت جميعها بالفشل، من جهة الحد من طموح إيران لامتلاك سلاح نووي، ويأتي في مقدمتها قمة الأمن النووي «NSS» والمبادرة العالمية لمنع الإرهاب النووي «GICNT» ومبادرة عدم الانتشار «PSI» وقرار مجلس الأمن «1540» لخلق آليات فعالة لعدم وصول المواد الخطرة إلى الجماعات الإرهابية.
المملكة عضو فاعل في هذه المؤسسات كافة وهي ظاهرة محاكاة لدورها الدولي في ترسيخ الأمن والاستقرار. إن امتلاك إيران المتهورة والعدوانية، سلاحاً نووياً يعد كارثة بكل المقاييس لا سيما أن برنامجها السلمي الآن لا يراعي أدنى معايير السلامة، حسب تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما أدى إلى تلوث مياه الخليج العربي الناجم عن تسرب بعض المواد المشعة من مفاعل «بوشهر»، المطل على الخليج العربي!
وحين يدعو الملك سلمان لعقد هذه القمم (إسلامية، وعربية، وخليجية) خلال الأيام القادمة في مكة المكرمة، فهو يهدف إلى كشف تمادي طهران في ارتكاب الأخطاء الجسيمة لزعزعة أمن المنطقة الذي هو جزء لا يتجزأ من أمن العالم بأسره. وستكون القرارات التي ستتبناها تلك القمم تمهيداً ضرورياً لقرارات تتبعها من المجتمع الدولي لتضع النظام الإيراني في قفص محكم الإغلاق، الغرض منه «إحداث تغيير في سلوكه». وهو مطلب ملحّ ومشروع، وفي حال عدم تحقيق هذا المطلب فإن المجتمع الدولي سيلجأ إلى أسوأ سيناريو تغدو فيه المواجهة العسكرية احتمالاً وارداً.
إن طيش إيران وتهورها، ألحق ضرراً بالغاً حتى الآن بالعراق وسوريا ولبنان واليمن، ولا يمكن السكوت عنه حتى يمتد إلى مناطق أخرى بالغة الأهمية. بل هي خطوط حمراء للعالم أجمع.
- كاتب ودبلوماسي سعودي
8:2 دقيقه
TT
قمم مكة والعبث الإيراني
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة