حمد الماجد
كاتب سعودي وهو عضو مؤسس لـ«الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية». أستاذ التربية في «جامعة الإمام». عضو مجلس إدارة «مركز الملك عبد الله العالمي لحوار الأديان والثقافات». المدير العام السابق لـ«المركز الثقافي الإسلامي» في لندن. حاصل على الدكتوراه من جامعة «Hull» في بريطانيا. رئيس مجلس أمناء «مركز التراث الإسلامي البريطاني». رئيس تحرير سابق لمجلة «Islamic Quarterly» - لندن. سبق أن كتب في صحيفة «الوطن» السعودية، ومجلة «الثقافية» التي تصدر عن الملحقية الثقافية السعودية في لندن.
TT

المُلَّا روحاني والجنرال اللنبي

دخل الرئيس الإيراني العراق أمس (الاثنين) دخول «المحتلين»، وبدا المشهد في بغداد كمشهد الجنرال إدموند اللنبي القائد الإنجليزي العسكري الشهير في القدس، الذي هزم القوات العثمانية على أبواب القدس ودخلها محتلاً ومعلناً نهاية الحروب الصليبية، تماماً كما فعل الجنرال قاسم سليماني حين دخل عدداً من المدن السورية «فاتحاً» بعد تحريرها من أهلها الأصليين السوريين، فالذي تجوَّل في المدن السورية ليس الرئيس السوري ولا وزير دفاعه ولا أحد مساعديه، بما يمثل إهانة مذلة حتى لحليفهم الهزيل بشار الأسد. واللافت أن الفيلق الذي يقوده قاسم سليماني اسمه «فيلق القدس»، وهو فرقة تابعة للحرس الثوري الإيراني والمسؤولة أساساً عن العمليات العسكرية والعمليات السرية خارج إيران، تيمناً بتحرير القدس، زعموا، إلا أن بوصلة سليماني تاهت بعد خطأ فني، فحرر العراق وسوريا ولبنان واليمن من أهلها، وبقيت حدود قائد «فيلق القدس» في الجولان وجنوب لبنان مع إسرائيل التي تحتل القدس من أكثر الحدود السياسية في المنطقة أمناً ورخاء واستقراراً!!
الرئيس روحاني وفور وصوله للعراق صرح بتصريح ماكر باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَلِه العذاب، فقال: «علاقتنا مع العراق دينية تعود لآلاف السنين»، وواضح من هذا التصريح أن ديانات ما قبل الإسلام من ضمن ما يجمع العراق بإيران، ولهذا استنتج كثيرون أن رسالة هذا التصريح «المبطنة» هي استشراف الخمينيين للتوسع والامتداد واسترجاع ما وصلت إليه يد الإمبراطورية الفارسية، وهو فعلاً ما حققوه في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وليست هذه هي النهاية، فخلاياهم الإرهابية الطائفية في دول المنطقة تنتظر ساعة الصفر لإسقاط الدول العربية واحدة تلو الأخرى، لتكون من ثم منطلقاً روحانياً وسياسياً لمد نفوذها وهيمنتها في دول العالم الإسلامي أجمع.
والويل والثبور لمن يحذر ويتفوه بمثل هذا الكلام، فكارت الطائفية الأحمر جاهز تُشهره في وجهه القيادات الإيرانية وفلولها وأذنابها والمنتفعون منها والدائرون في فلكها، أما النَفَس الطائفي الذي قامت عليه الثورة الخمينية، وأما المذهب الجعفري الذي ارتكز دستور الثورة عليه، وأما قاموس السباب والشتائم الذي يكتنزه الإرث الخميني تجاه رموز دينية يقدرها ويجلها السواد الأعظم من المسلمين على كوكبنا الأرضي، فالخمينيون يعتبرون أنهم منه ومن الطائفية براء، وصدق عليهم المثل الشهير «رمتني بدائها وانسلت».
وإن كان ثمة نجاح حققته الثورة الإيرانية الخمينية بعد احتفالهم بمرور أربعين عاماً على اندلاعها، فهو نجاح دعايتها السياسية والإعلامية والفكرية والعقدية في إقناع، بل خداع، نسبة ليست يسيرة من الشعوب العربية والإسلامية وبعض قادتها وعلمائها ومفكريها وبعض إسلامييها، بأن من يحذر من مخططات الحكومة الإيرانية ونفوذها وتمددها العسكري والمذهبي والسياسي فهو طائفي.