مع اقتراب تنفيذ الحصار النفطي ضد إيران في أوائل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم ازدادت التوقعات والتكهنات والتحليلات الأكاديمية والإعلامية حول نتائج هذا الحصار... فقد نشرت الصحف العالمية السياسة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب تجاه إيران في ثلاث نقاط رئيسية، وهي تصفير صادرات إيران النفطية وفرض عقوبات على طهران وأذرعها حول العالم، وإنهاء وتجميد الصراعات التي يمكن لإيران فرض نفوذ عبرها.
السؤال لماذا جاء التحرك الأميركي الآن مع قدوم إدارة ترمب؟ الأمر المعلن هو أن الولايات المتحدة تشعر بمخاطر النفوذ الإيراني على مصالحها وتهديدها لأمن حلفائها وعلى رأسهم إسرائيل ودول الخليج العربية.
خطة ترمب تعطي الأولوية للعقوبات الاقتصادية وهي إحدى أدوات الإرغام الأميركية فهو يضغط على الخصوم لتغيير سلوكهم تجاه المصالح والأمن الأميركي، تحاول واشنطن الضغط على حلفائها الأوروبيين والآسيويين للحصول على تنازلات جديدة من طهران.
هل تستطيع واشنطن تحقيق أهدافها المعلنة؟ وماذا سيكون مصير منطقتنا العربية والخليجية إذا لم تنجح السياسة الأميركية في الحصار الاقتصادي، أو تمت تسوية الخلافات بين إيران وأميركا على حساب العرب، خصوصاً أن إيران لديها الاستعداد لإجراء مفاوضات مطولة مع واشنطن أملاً في تغيير أوضاع الإدارة الأميركية بعد الانتخابات القادمة في الشهر القادم، أما الولايات المتحدة فهي تراهن على حدوث تغيرات داخلية في إيران، بعد ازدياد وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية حتى يتم نجاح الحصار الاقتصادي والنفطي ضد إيران يتطلب تعاون حلفاء أميركا في الغرب وموافقة الدول العظمى مثل الصين وروسيا والدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي أعلنت أنها تنوي الوفاء بالتزاماتها إلى الآن، وقد تبنى الأوروبيون هذه السياسة، لأنهم لا يريدون لشركاتهم أن تنسحب إذا تم تنفيذ العقوبات ضد إيران... رئيس أنشطة التصدير بغرفة التجارة الألمانية فولكر تراير أعلن أن صادرات بلاده إلى إيران يمكن أن تتضاعف إلى خمسة مليارات يورو، وتوقع رئيس اتحاد الصناعات الألمانية أن ترتفع الصادرات الألمانية لإيران إلى 11 مليار دولار في الأجل المتوسط من 2.4 مليار دولار العام الماضي، وتستفيد من ذلك صناعات السيارات والكيمياويات والرعاية الصحية والطاقة المتجددة.
أما روسيا الاتحادية فقد انتقدت استراتيجية ترمب حيال إيران. أما الصين فقد أعلن الرئيس الصيني أن السياسة الأميركية تتسم بالأنانية والنظرة الضيقة والمغلقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الصين هي الشريك التجاري الأول لإيران في السنوات الأخيرة.
ماذا عن الحصار النفطي ضد إيران... هل ينجح؟ الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين لديها شركات نفطية وتملكها الدولة وتستحوذ الصين وحدها على نصف الصادرات النفطية الإيرانية.
يبدو أن إيران متمادية ولن تتراجع عن دورها الإقليمي إذا اشتد الحصار الاقتصادي عليها... فإيران لن تتخلى عن نفوذها في العراق أو سوريا أو «حزب الله» اللبناني أو الحوثيين في اليمن، فهذا الدور قد جلب لها القوة والنفوذ الإقليمي رغم التكلفة المالية والبشرية التي واجهتها.
هل هناك احتمال لوقوع الحرب؟ يلاحظ رغم التصعيد الإعلامي بين الطرفين، أن كل طرف حريص على ألا تندلع الحرب، لا أحد يتوقع حدوث مواجهة عسكرية، لأن الهدف الأميركي غير واضح... هل الهدف ضرب المواقع النووية الإيرانية كما تريد إسرائيل، أم الهدف الإطاحة بالنظام الحالي وهذا يتطلب وجود بدائل عن النظام الديني المتطرف؟
هنالك عوامل كثيرة ترجح عدم وقوع الحرب، أهمها تعقيدات العملية العسكرية في ظل بيئة إقليمية متوترة وغير مستقرة حالياً، والمجتمع الدولي يرفض وقوع أي حرب في المنطقة لأن مستقبل المنطقة بعد أي عملية عسكرية غير معروف.
وأخيراً كيف لنا في الخليج التعامل مع الإشكالية الإيرانية؟ فالتعامل مع الوضع المعقد في إيران يتطلب وحدة السياسات العربية، ومعالجة الثغرات والسلبيات في السياسات العربية التي سمحت للإيرانيين بالتدخل في شؤوننا الداخلية... فوحدة كل فصائل المجتمع تحت مفهوم الوطنية هي سلاحنا ضد كل من يريد اختراق الأمن في بلداننا.
TT
التعامل مع الحصار الإيراني
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة