لا أعرف شيئا عن أغاني العيد في بقية بلاد العالم العربي، أعرف أن في مصر أغنية وحيدة للعيد غنتها السيدة صفاء أبو السعود منذ قرون وهى.. أهلا.. أهلا بالعيد.. مرحب، مرحب بالعيد.. هه.. هه.. هيييييييه.
بالطبع ستقفز إلى ذهنك أغنية أم كلثوم الخالدة «يا ليلة العيد» نعم، غير أني أكلمك عن عصرنا هذا. أتصور أن مؤلف الأغنية متأثر إلى أبعد حد بجلسات الريف المصري، وخصوصا عندما يطب عدد من الضيوف على الفلاح ولا يدخلون مباشرة في الموضوع الذين جاءوا من أجله، ستجده يقول لهم بين كل لحظة وأخرى، يا أهلا.. يا مرحب. يقول ذلك بصوت محايد فلا تشعر في كلماته بأي رنة ترحيب.
أما الملحن فقد تقمص شخصية حداد يمسك بمطرقة كبيرة يهوي بها على قطعة حديد، هكذا فعل هو.. أمسك بلحنه وهوى به على آذان المستمعين في ضربات قوية متتالية بغير رحمة وبغير موسيقى. ولكن من المؤكد أن التلفزيون في مصر هو وبقية المحطات الخاصة مرغم على إذاعتها في العيد، لأنه لا توجد أغان أخرى عن العيد. قد تتشجع بعض المحطات وتقرر تكليف بعض المؤلفين بكتابة أغنية جديدة صالحة للإذاعة في العيد، في هذه الحالة لن تخرج أغانيهم عن.. العيد حلو قوي السنة دي يا حبيبي ياللي حبك من نصيبي، لأنه عيد ثورة 25 يونيو (حزيران) و30 يونيو، و3 / 7 عشان كده هتلاحظ يا حبيبي إنه أحسن من أعياد 23 يوليو (تموز) و15 مايو (أيار) وعيد 18 ديسمبر (كانون الأول) (يا ترى كان عيد إيه ده؟) وأحسن من عيد العمال وعيد العلم وعيد الفن.. عشان كده لازم نحب مصر أكتر.. يا حبيبي.
في منتصف القرن الماضي لعبت الإذاعة دورا هاما في حياة الأطفال والبالغين، كانت هناك أغان تسمى أغاني الصباح، تدفع في قلبك وأنت في طريقك إلى المدرسة أو إلى عملك من خلال أجهزة الراديو المنتشرة في الشوارع، إحساسا قويا بالراحة والانتشاء. وفى العيد كانت هناك أغنيتان فشلت في العثور عليهما، مطلع الأولى يقول: حبيبي فتّح عينيه.. الورد صبّح عليه، قال له النهار ده إيه؟ قال: النهار ده العيد..... النهار ده العيد.
يا له من خيال جميل، تصور أن تستيقظ حضرتك من النوم فتجد عددا من الورود يقولون لك.. صباح الخير.
ومطلع الثانية يقول: الفجر ماله الليلة دي.. طالع يغني ليه، وصوته ساحر ونادي والفرحة باينة عليه؟
سمعت صوت من بعيد قال: النهار ده عيد.
يا الله.. يا لروعة الخيال وجمال الإحساس بالعيد. وعندما كان الصديق الشاعر عمر بطيشة مديرا للإذاعة المصرية حدثته عن هذه الأغاني التي لم يسمعها من قبل، فطلب مني أن أزوره وأن أبحث بنفسي في الأرشيف. ولم أجد الأغنيتين في سجلات الأرشيف، اختفت أشرطة أغان كثيرة بفعل فاعل.
إنني أناشد كل من هو قريب أو بعيد من الموسيقى أو أجهزة الإذاعة في البلاد العربية وفى بلاد الغرب. أن يبحثوا عن هاتين الأغنيتين وغيرهما من أغاني الفرحة بالعيد وأغاني الفرحة بشكل عام.
هنا في هذه المنطقة من العالم، جماعة من البشر يقومون بسرقة الفرحة من قلوب الناس، تماما كهؤلاء الذين سرقوا شرائط العيد من الإذاعة المصرية.
8:9 دقيقه
TT
أغنية عيد.. لله يا محسنين
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
