ارتفاع مستوى الكولسترول وضيق الصمام الأورطي

محاولات طبية لفهم العلاقة بينهما

عملية جراحية لوضع صمام صناعي
عملية جراحية لوضع صمام صناعي
TT

ارتفاع مستوى الكولسترول وضيق الصمام الأورطي

عملية جراحية لوضع صمام صناعي
عملية جراحية لوضع صمام صناعي

لا تزال العلاقة بين ارتفاع كولسترول الدم وبين تطور ضيق الصمام الأورطي Aortic Stenosis أحد المواضيع الطبية التي لم تجد حتى اليوم إجابات إكلينيكية وعلمية واضحة. وكانت عدة دراسات طبية سابقة قد لاحظت في نتائجها أن ارتفاع الكولسترول الخفيف LDL هو بالفعل عامل مساهم، وبشكل رئيسي، في تنشيط عملية زيادة ضيق الصمام الأورطي الذي ينشأ مع التقدم في العمر لدى كبار السن. وعلى الرغم من وضوح الدور السلبي لارتفاع الكولسترول في تدهور سلامة جريان الدم من خلال هذا الصمام القلبي المهم،فإن الدراسات الإكلينيكية التطبيقية على مرضى الدرجات البسيطة أو متوسطة الشدة لضيق الصمام الأورطي، فشلت في إثبات جدوى خفض الكولسترول لدى هؤلاء المرضى في إعاقة التطور المستمر لعملية زيادة تضيق الصمام الأورطي، ناهيك بجدوى خفض الكولسترول في تخفيف الدرجات الشديدة من ضيق الصمام هذا.

الكولسترول وضيق الصمام

ومن المتوقع نشر أحدث الدراسات الطبية حول مدى جدوى نجاح تحقيق خفض الكولسترول في حصول إعاقة لتدهور ضيق الصمام الأورطي (الأبهر) ضمن عدد الخامس عشر من شهر مارس (آذار) المقبل للمجلة الأميركية لطب القلب American Journal of Cardiology. وهي لمجموعة باحثين أوروبيين من الدنمارك والسويد والنرويج، وكانت الدراسة بعنوان «تأثير العلاجات التعديلية لخفض الدهون على تطور ضيق الصمام الأورطي».
وقال الباحثون في دراستهم: «استكشفت هذه الدراسة ما إذا كانت مستويات الكولسترول الخفيف قبل بدء المعالجة بأدوية خفض الكولسترول ودرجة شدة ضيق الصمام الأورطي لهما علاقة بجدوى تلقي أدوية خفض الكولسترول في إعاقة وإبطاء تطور الضيق في الصمام الأورطي». ويُعتبر هذا التفكير من الباحثين الأوروبيين تطورا في النظر إلى مدى احتمالات استفادة مرضى تضيق الصمام الأورطي من تلقي معالجة خفض الكولسترول. وتابع الباحثون نحو ألفي شخص ممنْ لديهم درجة بسيطة أو متوسطة الشدة لضيق الصمام الأبهر، وتضمنت المتابعة إجراء سلسة من القياسات لذروة سرعة ضخ الدم من خلال الصمام الأورطي، وهو أحد المؤشرات المهمة في تقييم درجة ضيق الصمام الأورطي، ذلك أنه كلما ارتفعت سرعة تدفق الدم الذي يتم ضخه من القلب للعبور من خلال فتحة الصمام الأورطي كلما دل ذلك على زيادة شدة الضيق في ذلك الصمام. وربط الباحثون في متابعتهم الطبية لحالات تضيق الصمام الأورطي بين عنصرين، العنصر الأول هو نسبة الكولسترول في الدم، والعنصر الثاني هو مقدار ذروة سرعة ضخ الدم من خلال الصمام الأورطي.
وقام الباحثون بإجراء تقييمات متسلسلة لكل من هذين العنصرين في فترات متعاقبة طوال فترة المتابعة الطبية لمعرفة تأثيرات تلقي أدوية خفض الكولسترول. ولاحظ الباحثون أن أفضل نتائج لجدوى تناول أدوية خفض الكولسترول تحصل لدى المرضى الذين لديهم درجات بسيطة من ضيق الصمام الأورطي ولديهم في الوقت نفسه مستويات عالية من الكولسترول في الدم، أما المرضى الذين لديهم ضيق متوسط في الصمام الأورطي ومعدلات الكولسترول لديهم ليست عالية جداً فإن تناولهم أدوية خفض الكولسترول لا يُؤدي إلى إعاقة التدهور في تسارع عملية تضيق الصمام الأورطي.
وقد تكون هذه النتائج منطقية جداً، بالنظر إلى أمرين مهمين في فهم كيفية وآلية حصول تضيق الصمام الأورطي مع التقدم في العمر. الأمر الأول هو أن ثمة عدة عوامل تُساهم في حصول التضيق التدريجي للصمام الأورطي، وارتفاع الكولسترول هو أحد تلك العوامل، ولذا قد يكون ارتفاع الكولسترول هو العامل الرئيسي في التسبب بضيق الصمام الأورطي لدى بعض مرضى ضيق الصمام الأورطي، ولدى البعض الآخر من مرضى ضيق الصمام الأورطي قد تكون هناك عوامل أخرى لا علاقة لها بالكولسترول. ولذا فإن خفض الكولسترول قد يُجدي لدى بعض المرضى وليس جميعهم. والأمر الثاني هو أن ارتفاع الكولسترول قد يكون له تأثير في حصول المراحل الأولية من تضيق الصمام الأورطي، ثم بعد ذلك يأتي تأثير العوامل الأخرى في زيادة الضيق في الصمام الأورطي، ولذا لو تم تقديم معالجة خفض الكولسترول في بدايات المراحل البسيطة من ضيق الصمام الأورطي ولأولئك الذين لديهم ارتفاع في الكولسترول فإن الفائدة تكون أعلى في إعاقة تطور درجة الضيق مع مرور الوقت لاحقاً.

صمام حيوي

وتذكر إرشادات رابطة القلب الأميركية AHA والكلية الأميركية لطب القلب ACC حول معالجة أمراض صمامات القلب، أن ضيق الصمام الأورطي يُقصد به حصول عرقلة لتدفق الدم الذي يعبر عادة من خلال الصمام الأورطي. والصمام الأورطي هو الفتحة التي يمر منها الدم الذي يضخه القلب لجميع أعضاء الجسم، ولذا فإن حصول الضيق فيه يعني أمرين، الأمر الأول هو وضع مزيد من العبء على القلب والضغط عليه كي يبذل جهداً أكبر من أجل ضخ الدم إلى الجسم في كل نبضة ينبضها القلب، والأمر الثاني هو تدني تدفق الدم إلى جميع أعضاء الجسم. ولذا كلما زادت درجة الضيق زاد العبء على القلب وزاد حرمان أعضاء الجسم من تدفق الدم إليها.
ويعتبر ضيق الصمام الأورطي أحد أنواع أمراض صمامات القلب الشائعة. ومع التقدم في العمر، تزداد احتمالات حصول ترسبات كلسية على شرفات الصمام، وهي عملية تزداد سوءاً بفعل وجود عوامل أخرى، مثل ارتفاع الكولسترول ومرض السكري ومرض ارتفاع ضغط الدم وضعف عمل الكلى وغيرها من العوامل التي تعمل على تحويل الصمام إلى كتلة من الترسبات الكلسية الصخرية، وحصول التضيق فيه.
والصمام الأورطي تشريحياً يتكون من ثلاث شرفات، تفتح مع فتح الصمام لتسهيل خروج الدم من القلب، وتقفل مع توقف ضخ القلب للدم كي تمنع عودة تسريب الدم الذي تم للتو ضخه من القلب. ومع بلوغ الخامسة والستين من العمر يُصيب نحو 25 في المائة من الناس نوع من التصلب في حركة شرفات الصمام الأورطي Aortic Sclerosis، وفيما بين الأشخاص الذين تجاوز عمرهم 75 سنة، يُعاني 3 في المائة من حالة تضيق الصمام الأورطي الناجم عن التراكمات الكلسية. ولدى صغار السن ومتوسطي العمر، يحصل تضيق الصمام الأورطي بسبب الحمى الروماتيزمية أو نتيجة التشوهات الخلقية في بنية الصمام.


مقالات ذات صلة

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الناس يشعرون بعدم الثقة جرّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

نصائح لتعزيز الثقة بالنفس وزيادة القدرات الذهنية

يُعدّ الشعور بعدم الثقة بالنفس من المشاعر التي يصعب التعامل معها، وقد نشعر بها جرّاء عوامل خارجية، مثل اجتماع سيئ مع المدير في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

«أوزمبيك»... «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

وجد باحثون أن دواء إنقاص الوزن الشهير «أوزمبيك» قد يبطئ الشيخوخة وله «فوائد بعيدة المدى» تتجاوز ما كان متصوراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا تظهر العلامات على يد طفلة بعد تعافيها من جدري القردة (رويترز)

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أعرب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن اعتقاده أن تفشي فيروس جدري القردة في أفريقيا قد يتوقف في الأشهر الستة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
TT

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية
إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين، وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة، لكن الآن، يُسبب لنا ضرراً لأننا، وفق موقع «ذا تلغراف»، نتناول منه نحو 8.4 غرام في اليوم، وهو أكثر من الحد الأقصى المسموح به، الذي يعادل ملعقة صغيرة واحدة (أي نحو 6 غرامات).

يسهم هذا الاستهلاك المرتفع في ارتفاع ضغط الدم، الذي يصيب واحداً من بين كل 3 أشخاص، ويزيد احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، واكتشف العلماء الآن أنه يعرض سلامتنا للخطر من خلال اضطراب الأمعاء.

تقول الطبيبة، إميلي ليمينغ، عالمة الميكروبيوم (الميكروبات) واختصاصية التغذية، إن استهلاك كمية كبيرة من الملح تحدث خللاً في توازن الميكروبات في الأمعاء.

تشير إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة «نيتشر»، وشملت 12 مشاركاً تناولوا كبسولة يومية تحتوي على 6 غرامات من الملح إلى جانب نظامهم الغذائي المعتاد، ما رفع استهلاكهم اليومي من الملح إلى نحو 14 غراماً، إلى أن الميكروبات المفيدة «اللاكتوباسيلس» كانت قد اختفت.

عبوة ملح على طاولة الطعام (غيتي)

وتوضح إميلي ليمينغ: «هذا يعني أن بكتيريا الأمعاء أصبحت أقل قدرة على صنع جزيئات خاصة تُعرف باسم الأحماض الدهنية ذات السلسلة القصيرة التي تُساعد على خفض الالتهابات، واسترخاء الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم».

وتشير الأبحاث أيضاً، وفقاً لموقع «ذا تلغراف»، إلى أن استهلاك كمية أكبر من الملح يؤدي لاختلال الشهية لأنه يتدخل في إطلاق هرمون «ببتيد شبيه بالغلوكاكون- 1» (GLP-1) وهو هرمون تنتجه الأمعاء بعد تناول الطعام لإطلاق الشعور بالشبع.

وتضيف ليمينغ: «هذه النتائج ترجح أن الأنظمة الغذائية الغنية بالملح قد تجعلنا أكثر جوعاً».

وتابعت: «هناك ارتباط مقلق بالسرطان أيضاً، فنحو 4 حالات من بين كل 10 حالات من سرطان المعدة تسببها العدوى ببكتيريا (الهليكوباكتر بيلوري). واستهلاك كميات زائدة من الملح يمكن أن يتلف طبقة المعدة، ما يجعلها أكثر عرضة لهذه العدوى».

ومع ذلك، هذا لا يعني أنه يجب التخلي تماماً عن الملح في نظامنا الغذائي.

إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

تقول ليمينغ: «الملح مهم لأنه يساعد عضلاتنا على العمل بشكل صحيح، ويتيح للأعصاب إرسال الإشارات، ويحافظ على توازن الماء والمعادن في أجسامنا».

ومع ذلك، تقدر أن الجسم يحتاج فقط إلى ربع ملعقة صغيرة (نحو 1.25 غرام) يومياً، والتي يحصل عليها معظم الأشخاص من نظامهم الغذائي دون وضع عبوة ملح على مائدة الطعام، حتى لو كانوا يتجنبون عموماً الأطعمة المعالجة.

كيفية تقليل استهلاك الملح

تقول إميلي ليمينغ: «أول خطوة هي استخدام كمية أقل من الملح أثناء الطهي، أو على طاولة العشاء وتعويض الطعم بإضافة الأعشاب والتوابل».

وينقل «ذا تلغراف» عن أبحاث، أن استخدام القرفة أو الثوم يساعد في خفض ضغط الدم، في حين يمكن للفلفل الحار والزنجبيل والروزماري أن تساعد في إدارة مستويات السكر في الدم. أو استخدام الملح قليل الصوديوم، الذي يُشبه مذاقه الملح العادي، لكن يحتوي على جزء بسيط من الصوديوم، وهو أحد العناصر الكيميائية التي ترفع ضغط الدم.

استخدام بديل الملح عند الطهي ارتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة لأي سبب (رويترز)

ويضيف: «مع ذلك، فإن هذه التغييرات ستقلل استهلاكك إلى حد معين فقط؛ إذ يتم تضمين نحو ثلاثة أرباع كمية الملح التي نستهلكها في نظامنا الغذائي مسبقاً في الأطعمة التي نشتريها. فيحتوي الكاتشب على نحو 0.3 غرام لكل جرعة، والبيتزا ما بين 2-4 غرامات، والخبز نحو 0.4 غرام لكل شريحة، والشوربة نحو 2.2 غرام لكل طبق».

وتقترح الطبيبة إميلي ليمينغ «النظر إلى المكتوب على ظهر عبوة المنتج، واختيار المنتجات ذات الكميات الأقل ملحاً». وكذلك توصي بأن يكون «نصف طبق وجبتي الغداء والعشاء من الخضراوات وتناول الفواكه مرتين يومياً على الأقل».

بائع يعرض العنب للبيع (إ.ب.أ)

وتشير إميلي ليمينغ إلى أن «بعض الأبحاث الحديثة سلطت الضوء على أن النسبة بين الصوديوم والبوتاسيوم قد تكون أكثر أهمية للصحة، من قياس مستويات الصوديوم وحدها». والبوتاسيوم، الذي يوجد في الموز والفطر والأفوكادو، يساعد في إزالة الملح من مجرى الدم.

وتختتم: «لذلك، فإن الأطعمة المخمرة لا تزال خياراً صحياً، رغم احتوائها على كميات عالية من الملح، لأنها غنية بالبوتاسيوم والألياف، إضافة إلى مواد نباتية ثانوية مفيدة أخرى».