زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الهيروغليفية أقدم كتابة تصويرية

من الخطأ أن نطلق على الهيروغليفية اسم «اللغة المصرية القديمة»؛ لأن اللغة المصرية القديمة تتكون من 3 خطوط، وهي: الهيروغليفية، والهيراطيقية ثم الديموطيقية... ويرجع تاريخ الكتابة المصرية القديمة إلى نحو 3200 ق.م، وقد استمر استخدامها حتى القرون الأولى الميلادية، حيث بدأت العلامات الكتابية التصويرية خلال عصر ما قبل الأسرات، واستمرت في القرن الرابع الميلادي؛ ولذلك أستطيع أن أقول إن اللغة المصرية القديمة تُعد أول لغة مكتوبة ومعروفة في العالم، حيث كان من المعتقد من قبل أن اللغة السومرية أقدم من اللغة المصرية القديمة، ولكن أكد عالم الآثار الألماني غونتن دراير من خلال حفائره في أم الجعاب بالعرابة المدفونة بمحافظة سوهاج، وهي المنطقة التي يوجد بها مقابر ملوك الأسرة الأولى وآخر ملكين من الأسرة الثانية، على أن المصريين القدماء عرفوا الكتابة قبل قرنين من معرفة السومريين لها. وقد عثر دراير على أدلة تشير إلى أن المصريين عرفوا الكتابة بنحو مائتي عام، قبل أن يتم توحيد القطرين على يد الملك «حورعحا» الشهير بـ«مينا»، وقد فتح هذا الكشف أهمية كبرى بالنسبة للغة المصرية القديمة.
وتعد اللغة المصرية القديمة واحدة من خمسة فروع لعائلة اللغات القديمة والتي تنطق، أي يتم الحديث بها، والتي ظهرت في غرب أفريقيا والشرق الأدنى القديم، وعرفت باسم (الأفروآسيوية) أو (الحامية السامية)... ونظراً لشيوع عدة عناصر في المفردات وقواعد علم النحو لبعض اللغات القديمة؛ لذا يرجح أن هذه الفروع اللغوية الخمسة السابق ذكرها قد اشتقت جميعها من لغة بدائية مبتكرة، وكذلك يوجد في اللغة المصرية القديمة بعض الكلمات التي وردت في لغات الشعوب الأخرى المعاصرة... واستطاع علماء اللغة أن يؤكدوا أن قواعد اللغة المصرية القديمة تشابه قواعد اللغة العربية، بل وأن هناك كلمات هيروغليفية ما زالت مستعملة في حياتنا العادية حتى الآن، بل إن أغلب المدن الموجودة في الصعيد والدلتا مشتقة كلها من الاسم الهيروغليفي القديم.
وهنا يجب أن نشير إلى أن العلامات الكتابية التصويرية للغة المصرية القديمة قد مرت بعدة مراحل، حيث ظهرت في البداية من خلال الخط الهيروغليفي، ويعني الحروف المقدسة المنقوشة، واستمر بهذا الشكل حتى نهاية العصور المصرية القديمة... ولكنْ لكل فترة من فترات التاريخ الفرعوني شكل من حيث القواعد والمعنى للكتابة الهيروغليفية، حيث إن هناك شكلاً للدولة القديمة والوسطى وآخر في العصور المتأخرة، بالإضافة إلى شكل مختلف للعصر اليوناني الروماني... وقد استخدم الخط الهيروغليفي لتسجيل النصوص الجنائزية والدينية على جدران المقابر والمعابد واللوحات وعلى أسطح التماثيل... بينما كان الخط الهيراطيقي هو الشكل المختصر للنقش الهيروغليفي؛ وكان هو الأكثر شيوعاً واستخداماً في الأدب والإدارة وكتابات الكهنة. ويأتي الخط الديموطيقي أو الشعبي ليدلنا على أن استخدامه كان في المعاملات اليومية والتجارية هو الشائع.