حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

الأردن منطقة امتياز!

مصطلح الاقتصاد الجديد العصري أو الاقتصاد الرقمي يعني نوعا جديدا ومختلفا عن الاقتصاد التقليدي حيث إنه يعتمد بشكل أساسي على رأس المال المعرفي ليكون ما أصبح معروفا اليوم بالاقتصاد المبني على المعرفة المهمة جدا. ولقد تفوقت وتميزت بهذا الأمر منذ فترة ليست بالقليلة منطقة وادي السليكون بشمال ولاية كاليفورنيا الأميركية والتي تمكنت عبر الوقت غير القليل من تكوين حضانات للأعمال المتوسطة والصغيرة المرتبطة بأهم محطات وقنوات التعليم المتوسط والعالي، بالإضافة إلى فرص الوصول لأدوات وعناصر التمويل المتميز. وكانت بعدها قصص النجاح الهائلة التي تحولت هي الأخرى بدورها لاحقا إلى قصص نجاح لا تقل أهمية من الجانب المالي والاستثماري بحيث باتت مكان شهادة هائلة من الأسواق المالية حول العالم. ولحق النموذج المميز هذا جيوب جذب ونجاح في مناطق مختلفة من العالم مثل آيرلندا في القارة الأوروبية العجوز وسنغافورة وماليزيا. وطبعا كان المثال الكبير أيضا في الهند وتحديدا في مدينة بانجلور أولا وبعد ذلك مدينة حيدر آباد ثانيا، وكل هذه المناطق المختلفة اتبعت بصورة أو بأخرى النموذج الأميركي الناجح جدا (وهو الذي تم استنساخه بصورة أو بأخرى في مناطق مختلفة في أميركيا نفسها وفي مدن مثل بوسطن وبورتلاند وسياتل وفرجينيا). وكنت دوما أبحث عن نموذج مصغر في العالم العربي، نموذج فيه قصص نجاح ولو كانت مبسطة، ولكنها تبعث الأمل وتستحق الإشادة، إلا أنني كنت دائما أحبط بقصص نجاح فردية بلا استمرارية ولا حالة مستدامة. فالكويت كانت رائدة وسباقة بمشروع «صخر» كحاسب آلي وملحقاته، لم تخرج بشيء جديد. ومصر تحولت إلى محطة للخدمة والمساندة Outsourcing من دون أن يكون فيه القدر الكافي من الإبداع المطلوب والملهم. وبيروت اهتمت بالجوانب الداعمة والمساندة ولم تكن مقدمة للخدمة الإبداعية والاستثنائية المميزة. وبقيت عمان في الأردن هي النموذج الأهم في المنطقة، الذي لا يزال يواصل تقديم النماذج الناجحة بشكل مستمر ومتألق. فبعد قصة نجاح شركة «أرامكس» للاكتتاب العام الدولي، تحولت الشركة اليوم إلى ذراع داعمة لأي شركة تعمل في مجال التجارة الإلكترونية بشكل واضح وصريح. جاء استحواذ شركة «ياهو» العملاقة على شركة «مكتوب» والمتخصصة بالأساس في البريد الإلكتروني وبعدها أصبحت المحرك العربي للشركة بشكل كامل. وطبعا هناك شركة «أيمينا» المتخصصة في الاستثمار الإلكتروني بشكل مميز ومختلف وناجح، وأيضا هناك شركة «مسموع» المتخصصة في إنتاج الكتب والبرامج المقروءة لأنها تعتقد أن التراث العربي تراث سمعي متوارث ومتنقل بامتياز، وهي تريد أن تبني على هذا التراث بعدا تجاريا مميزا سواء عن طريق الكتب التقليدية القديمة أو الجديدة أو المترجمة من لغات أخرى، وتقدم منتجاتها عبر مقدمي الخدمات التلفونية في أكثر من بلد أو عن طريق تطبيقات تباع للعامة. الأردن بنظام تعليمي منافس ومنتجات ناجحة ومستمرة تحول إلى منطقة امتياز للاقتصاد الرقمي الجديد في العالم العربي، وهذا خبر سار وسط أخبار صعبة ومقلقة في المنطقة.