جستن فوكس
TT

أميركا رجل العالم المتطور المريض

ماذا يرى الاقتصاديون بصندوق النقد الدولي عندما ينظرون إلى الولايات المتحدة؟ بالتأكيد سيرون اقتصاداً في أوج تمدده الطويل (ثالث أكبر تمدد منذ عام 1850) في ظل النمو الكبير في الوظائف الذي أدى إلى تخفيف حدة التضخم لتقترب من درجة «التوظيف الكامل». لكنَّ هناك أيضاً ما يلي:
ساد شعور عام منذ فترة بأن دخل الأسر يعاني الركود عند شريحة كبيرة من السكان، وفرص العمل في تراجع، واحتمالات التحرك للأمام تضاءلت، والمكاسب الاقتصادية لا يتحصل عليها سوى الأثرياء بالفعل.
ويعقد صندوق النقد الدولي المقارنات بين الولايات المتحدة و23 دولة أخرى ذات اقتصادات متطورة، جميعها أعضاء بـ«منظمة التعاون والتنمية الدولية»، كما يلي:
أعلم أن العرض سيكون صغيراً لو أنه جرى على أي شيء غير شاشة كبيرة، لكن الغرض الأهم هو توضيح أن قدرات الولايات المتحدة أخذت في التراجع بالمقارنة بباقي الدول أعضاء «منظمة التعاون والتنمية»، فيما يخص مستوى المعيشة لغالبية الأميركيين. أما في المجالات التي لم يسجل فيها مستوى الولايات المتحدة تراجعاً فقد كانت تلك المعدلات قريبة من القاع بالفعل. الرسالة الواضحة هنا هي أن الولايات المتحدة (أغنى دولة في العالم)، ورغم أنها ليست الأعلى في مستوى دخل الفرد، فقد باتت أفقر دول العالم المتقدم فيما يخص مستوى المعيشة الحقيقي لغالبية سكانها.
ورد هذا التحليل في تقرير الاستشارات السنوي بالتعاون مع الولايات المتحدة الذي أعده خبراء صندوق النقد الدولي، والذي نُشِر أخيراً. وصدر تقرير آخر عن الصندوق الأسبوع الماضي نال اهتماماً أكبر عقب نشره «آفاق الاقتصاد العالمية» ليشير إلى تنبؤات سلبية لمعدلات النمو على المدى القصير بالنسبة لأميركا وبريطانيا، وإن كان تقرير الاستشاريين جاء أكثر إثارة.
سبب الإثارة في التقرير الأخير لا يرجع إلى أن خبراء الاقتصاد كشفوا عن معلومات جديدة صادمة، أو إلى أنهم قدموا أفكاراً مبهرة لتحسين وضع الاقتصاد الأميركي ولو نسبياً، لكن يرجع السبب في ذلك إلى أن تلك الكلمات صدرت عن غرباء (حتى وإن كانوا يعملون في واشنطن)، إلا أنهم على الأقل قدموا تنبؤات تختلف عن تلك التي نسمعها في الكونغرس. فمن ضمن ما ذكروه، على سبيل المثال، أن استقطاب الدخل يؤدي إلى تراجع الاستهلاك، مما يؤثر بالسلب على فرص العمل، وبالتالي يؤدي إلى تراجع نوعية ومستوى المعيشة وقدرة الأسر على تحمل الصدمات.
ما الحل إذن؟ حسناً، لصندوق النقد الدولي بعض المقترحات، وإن كانت تبدو أقل من أن تحل المشكلة بالكامل. وإليكم بعض المقترحات الخاصة بالإصلاح الضريبي:
يحتاج النظام الضريبي الأميركي إلى التبسيط والتخفيف من تعقيداته، وذلك بتخفيض المعدلات الضريبية وتقليل الاستثناءات. ولذلك يجب عند إعادة تصميم النظام الضريبي مراعاة مشاركة القوى العاملة، وتخفيف استقطاب الدخل، ومساندة الشرائح قليلة ومتوسطة الدخل المعيشي.
ينبغي أيضاً لسياسات الرعاية الصحية المحافَظَة على تلك المكاسب التي حصلت عليها منذ وقت الأزمة الاقتصادية العالمية، فتحقيق ذلك سيكون له آثاره الإيجابية التي ستنعكس على الرخاء والإنتاج ومشاركة القوى العاملة. وفي المقابل، سيُسهِم ذلك في زيادة النمو وفرص العمل، مما ينعكس إيجابياً على الوضع المالي على المدى المتوسط.
على القائمين على عملية الإصلاح الضريبي العمل على بناء نظام ضريبي أكثر كفاءة وذلك بزيادة الإنفاق على البنى التحتية، وتطوير التعليم والمهارات وتعزيز الرعاية التأمينية الصحية، وفي الوقت ذاته، ينبغي لهم السيطرة على النفقات وتقديم مزايا ودعم للأسر، بالإضافة إلى العمل على إصلاح أنظمة الهجرة والرعاية والرفاه.
* بالاتفاق مع {بلومبيرغ}