مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

حسني مبارك يكتب نفسه

تذكرون عبارة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي خرج من الحكم إثر التمرد الذي حصل ضده؟ حينما قال ضمن خطابه العاطفي المؤثر سيكتب التاريخ ما لنا وما علينا.
يبدو أن هذا التاريخ لم ينتظر كثيرا فقد كان سخيا مع مبارك، وناجز السخاء، وهو عادة يعطي بالقطارة وعلى مهل، فها هو مبارك يتمتع بصحته بعد محن تهد الجبال، ويستقبل زائريه، ويروي لهم شهادته على ما جرى.
هذه من الحالات النادرة التي تحصل، فعادة يكتب المنتصر التاريخ، ولا يمكن للمهزوم أن يزاحم هذه الرواية، لكن حسني مبارك الذي أصبح كثيرون يتحدثون عنه ويروون عن مرحلته وكأنه في العالم الآخر! حي يرزق ويتحدث ويقول للناس رؤيته وروايته الخاصة.
قبل أيام كشف الفنان المصري حسن يوسف تفاصيل مقابلته مع الرئيس الأسبق حسني مبارك التي جاءت في إطار زيارته له في مستشفى المعادي العسكري، لتهنئته بعيد ميلاده الـ86.
وقال يوسف في تصريحات لـ«العربية.نت» إن زيارته لمبارك جاءت بالتنسيق مع محاميه فريد الديب، حيث طلب يوسف من الديب مقابلة مبارك وتمت المقابلة بالفعل يوم 4 مايو (أيار)، وامتدت 3 ساعات كاملة، تحدث فيها عن مبارك وعن تفاصيل كثيرة.
وروى يوسف التفاصيل قائلا «سألت الرئيس لماذا تنحيت؟»، فأجاب مبارك «لم يكن أمامي مفر من التنحي بعد أن أبلغني عمر سليمان نائب الرئيس في ذلك الوقت أن الإخوان سيطروا على الشارع وتمكنوا من ميدان التحرير، ولديهم فرق مسلحة وجاهزة لقتل الثوار في الميدان لو قرر هؤلاء الشباب فض الاعتصامات والمظاهرات، بعد أن لبيت لهم كل طلباتهم من إقالة الحكومة وحل مجلسي الشعب والشورى، فخروج هؤلاء الشباب من الميدان يعني نهاية الثورة واستمرار النظام، وهو ما لم يكن يريده الإخوان، وفي يوم 11 فبراير (شباط) اتصل بي عمر سليمان وكنت وقتها في شرم الشيخ وقال لي إن الإخوان تمكنوا بالفعل من الميدان وسيقتلون الثوار ويلقون المسؤولية على الجيش والنظام وسألني ما الحل؟ فقلت له لا بد أن أتنحى وأبلغته بأنني اتخذت قراري حقنا لدماء هؤلاء الشباب، وحتى نفوت الفرصة على الإخوان، فقال لي سليمان هذا قرار متسرع، فقلت له بحسم اذهب الآن وفورا إلى وحدة البث المباشر وألق بيان التنحي، ولا تنتظر حتى تذهب لمبنى ماسبيرو، فالوقت لا يحتمل أن تراق قطرة دم واحدة، وكان لدي معلومات بما يعتزم الإخوان فعله من جرائم قتل وحرق وجر البلاد لحرب أهلية».
وهكذا يمضي الرجل في حديثه، تختلف أو تتفق معه إلا أنك أمام لحظات نادرة قدر فيها لمهزوم في معركة سياسية وأمنية كبرى، أن يعود فيدافع عن نفسه بقوة وتمهل.
ماذا لو منحت هذه الفرصة النادرة لآخرين أثروا في التاريخ ليجود عليهم التاريخ بهذه الاستثناءات؟
[email protected]