سعود الأحمد
كاتب ومحلل مالي
TT

تصحيح أوضاع العمالة.. والاقتصاد

أتمنى على وزارة العمل السعودية إجراء دراسة بالتعاون مع الجامعات، لقياس آثار حملة تصحيح أوضاع العمالة على الاقتصاد وآثاره الأخرى المتعلقة، لتوازن بين عموم الإيجابيات والسلبيات. فالحملة قد تحقق رؤية وزارتي العمل والداخلية. وهاتان الجهتان لهما رؤيتهما الصحيحة ويشكران عليها، لكن للوزارات الأخرى رؤاها.
فالتجارة والصناعة بعلاقتها بالغرف التجارية تمثل صوت رجال الأعمال وقطاع الصناعة. والمالية والاقتصاد والتخطيط والشؤون الاجتماعية تمثل صوت المال ويعنيها دخل المواطن الحقيقي ورفاهيته ومصلحة الاقتصاد الوطني ونمو الناتج المحلي. والخارجية يعنيها حقوق الأجانب في الداخل كما يعنيها حقوق المواطن في الخارج. فمن غير المقبول أن نصلح جانبا ونفسد جوانب أخرى! ولو كان لوزارة التجارة والصناعة صوت ربما لاشترطت (مسبقا) توفير عمالة بديلة أو تبنت آلية تصحيح تدريجية لئلا يتضرر قطاع المال والأعمال التجاري والصناعي. فالمنشآت اليوم تخسر ملايين الريالات، والمنشآت هي لبنات اقتصاد الوطن وهي مثل التروس يشغل بعضها بعضا. ووزارة العمل هي التي إما تمنح تأشيرات لمن هب ودب دون وضع ضوابط ومقاييس فاعلة لمن يعول عليهم المساهمة في الناتج المحلي أو تُقتر على أصحاب العمل في التأشيرات وتضع متطلبات تعجيزية تفلس معها المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وقد شملت حتى صاحب الدكان والحلاق والبنشر والبقالة. مما اضطر بعضهم لتشغيل العمالة السائبة! وبعد أن ثبت فشل مشروع السعودة وصار لأسماء ربات البيوت والطلبة سوق سوداء للمتطلبات النظامية. وأصبح لهؤلاء دخول دون عمل (ودافع للكسل) لتضاف أعباؤها في الأخير على ظهر المواطن! والنتيجة اليوم ها هو المقاول يرفع الأسعار أو يتوقف عن العمل ومشاريع الدولة الاستراتيجية مثل حل أزمة السكن تتعطل، ونحن اليوم نخسر عمالة مدربة يعودون لبلدانهم أو يبقون بمقار سكنهم بلا عمل، وقد يفكرون في طرق أخرى للكسب غير مشروعة! وهناك سوق سوداء نشأت لتعقيب معاملات نقل كفالات العمالة؟ لتلافي طوابير الانتظار لتفعيل نظام «أبشر» وغيره! وها نحن نشاهد محلات وشركات ومؤسسات ومحطات وقود وتموينات ومخابز مغلقة وعليها لوحات «مغلق لعدم توفر العمالة»! ليصبح لدينا نقص حاد بمهن نحتاجها في منازلنا، كالسباكة والكهرباء والدهان والحدادة والنجارة وغيرها من السلع والخدمات، مما سيلحق الضرر بالناس في معيشتهم وأرزاقهم بعد أن أصاب سوق العمل والعمال حالة شبه شلل تام! ونشاهد مقاومة عمالة يذهب ضحايا أنفس: فما هي خطة وزارة العمل لمعالجة ذلك؟! ووسائل الإعلام بدول صديقة يشوه يُعكر صفو علاقات بالأشقاء والأصدقاء.
أخيرا.. كنت أتمنى لو بدا التصحيح بفترة لتجديد الإقامة ثم فترة للقضاء على العمالة السائبة ثم فترة للتحقق من العمل عند الكفيل وهكذا. وبإشراف لجنة عليا تمثل جميع الوزارات المعنية.
[email protected]