باسم الجسر
كاتب لبناني
TT

حل الدولتين... هل طويت صفحته؟

من شاهد مراسم استقبال الرئيس الأميركي الجديد لرئيس وزراء إسرائيل في البيت الأبيض، تراءى له أن نتنياهو هو الذي يستقبل ترمب وليس العكس. وملامح وجه الرئيس الإسرائيلي الطافحة سرورا واعتدادا كانت الرد على قرار مجلس الأمن الأخير بشأن الاستيطان الذي لم تعترض عليه المندوبة الأميركية، واعتبره المراقبون «هدية» الرئيس أوباما له قبيل انتهاء ولايته. وليس مستغربا أن يشعر نتنياهو بالسرور والارتياح من جراء وصول الإدارة الجديدة للبيت الأبيض.
إلا أن المراقبين يرون أن الرئيس الأميركي لن يتمكن من الاستسلام كليا لسياسة نتنياهو في قوله: «إنه ليس ضد حل الدولتين أو ضد حل الدولة الواحدة، ولكنه مع أي حل يتفق عليه الإسرائيليون والفلسطينيون». وهذا الموقف لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، بعد استحالة الاتفاق بين الفريقين المعنيين بعد عشرين سنة من المفاوضات، وبعد اقتراب عدد المستوطنين اليهود في الضفة من المليون.
ولسنا نرى في الظروف والأوضاع المأساوية والتحولات الكبرى التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط أي احتمال لنجاح توسيع نطاق المسألة الفلسطينية، وإشراك دول عربية أو غربية في نطاق حلها.
كثيرون هم بين أصحاب الرأي السياسي في الولايات المتحدة والغرب، بل وفي إسرائيل نفسها، من يعارضون سياسة نتنياهو واليمين الإسرائيلي الاستيطانية المعطلة لقيام دولة فلسطينية، ومن بينهم الكاتب الأميركي توماس فريدمان، الذي طالب في مقاله الأخير الرئيس ترمب بالضغط على نتنياهو لحمله على وقف الاستيطان والقبول بحل الدولتين. ولكن لا شيء يدل على أن الرئيس الأميركي سيفعل ذلك، ولا على أن نتنياهو سوف يتخلى عن موقف حكومته المعطل لنجاح أي مفاوضات مع الفلسطينيين.
من هنا يمكن القول إن القضية الفلسطينية دخلت ما يمكن تسميته «العهد الترمبي» الذي قد يمتد 4 سنوات - أو 8 - والذي ربما لن يكون، في مطلق الأحوال، مواتيا للقضية الفلسطينية ولحل الدولتين، أو ضاغطا على إسرائيل لتسهيل قيام الدولتين.
أما توسيع نطاق الحلول عربيا أو شرق أوسطيا، كما يتردد، فطريق صعب ومغامرة أكثر تعقيدا وأقل حظا للنجاح مما هي المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية. فطبيعة الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية جزء منها، بل عنصر مهم فيها، تدخل تركيا وإيران وروسيا وأوروبا مباشرة في تحريك خيوطها، وبالتالي في زيادة عقدها وتشابك المصالح فيها.
إنما إذا رغبت الأطراف المتصارعة اليوم في سوريا والعراق، الوطنية والإقليمية والدولية، في الحل المباشر لهذه القضية، فإن هذا التدخل - أو الإدخال - ليس ممكنا إلا بعد أن تنجلي الصراعات وما ستؤول إليه، مع العلم بأن القضية الفلسطينية تشكل، في نظر كثيرين، العقدة الكبرى أو الأساسية، والتي سيؤدي حلها إلى حلحلة العقد الأخرى المشتعلة في المنطقة.
لا شك في أن اتفاق الدول الكبرى والدول الإقليمية النافذة على حل ما للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، يصطدم اليوم بدخول العالم عصرا جديدا من العلاقات بين الدول وتحولات اقتصادية وتكنولوجية وترابط مصائر، لم ترتسم معالمه بوضوح بعد.
غير أن أمام العرب الآن أمورا ينبغي حلها سريعا فأولا يجب تركيز الاهتمام على حل الصراعات الدامية في 4 دول عربية والقضاء على الإرهاب، والصمود بوجه الجموح الإسرائيلي الذي لا يعرف أحد إلى أين يقود.
لا أحد يعلم بالضبط ما سيؤول إليه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال الإدارة الأميركية الجديدة، ومدى رغبتها في إيجاد حل لهذا النزاع.