أندرو روزنتال
TT

النفاق الجمهوري حول مرشحي ترامب

يقدم الدستور والتقاليد الأميركية الكثير من الطرق للرئيس لممارسة صلاحياته التنفيذية.
ويمكن للرئيس، على سبيل المثال، إعداد جدول الأعمال، واقتراح القوانين والتشريعات الجديدة على الكونغرس لتمريرها، ويمكنه أيضًا تعيين أعضاء مجلس الوزراء، مع المشورة والموافقة الصادرة من جانب مجلس الشيوخ على الوزراء المختارين، ثم استخدام منصة الرئاسة في الحديث إلى الشعب الأميركي حول القضايا ذات الأهمية.
ولأن الجمهوريين الجدد في العصر الحديث قد صاروا في موقع المسؤولية عن البيت الأبيض وعن الكونغرس، بطبيعة الحال، لن يكون هناك معنى للقانون، أو التقاليد، أو المبادئ المشار إليها.
لذا، كيف ستكون الأمور مع رئيسنا الجمهوري المنتخب؟
نحن لا نعرف على وجه الدقة والتحديد معالم الأجندة السياسية التي سوف يعمل الرئيس المنتخب ترامب من خلالها، حيث إنه لم يطرح أي أجندة من هذا النوع حتى الآن على الناخبين. ولقد فاز بالمنصب بفضل المجمع الانتخابي الذي عفى عليه الزمن وغير الديمقراطي بالكلية، إذ إنه يعد الرئيس الجمهوري الثاني على التوالي، الذي يلقى الرفض من الأغلبية الكبرى من جموع الناخبين.
ومع مراسم التنصيب الرسمية التي سوف تبدأ بعد أسبوع من الآن، يبدو من شبه المؤكد أن الأغلبية الجمهورية للسيد ماكنويل في مجلس الشيوخ سوف تجري عملية مراجعة واستعراض كاملة ومحددة لكل المرشحين من قبل السيد ترامب، ومن دون العملية الإجرائية التي يصر أعضاء مجلس الشيوخ في غالب الأمر على الالتزام بها.
ولقد ضغط السيناتور ميتش ماكنويل ورفاقه جدول أعمال مجلس الشيوخ بالتأكيد الكامل لحضور جلسات الاستماع لاتخاذ القرارات بشأن مرشحي السيد ترامب في المناصب الوزارية المهمة، بما في ذلك الكثير من أكبر المناصب التي تعقد لأجلها الجلسات الأربعاء المقبل.
ومما يؤسف له، لم يمر أغلب هؤلاء المرشحين بعملية التحقق والمراجعة المعتادة في مثل هذه الحالات. وفي الأسبوع الماضي، أبلغ مكتب الأخلاقيات الحكومية الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس أنه لم تسنح الفرصة الكاملة للمكتب لمراجعة وفحص جميع مرشحي السيد ترامب، مما أدى إلى وجود «بعض القضايا الأخلاقية المجهولة، أو التي لم يتخذ بشأنها القرار بعد».
وكانت استجابة السيد ماكنويل لمخاوف الأعضاء الديمقراطيين ساخرة ومنافقة كما هو المعتاد. خلال هذا العام، أبلغ الأعضاء الديمقراطيين بالترفع عن سفاسف الأمور. إلا أنه قال مؤخرًا: «كل هذه الشكاوى الإجرائية التافهة تعزى إلى إحباطهم، ليس لأنهم فقدوا البيت الأبيض فحسب، ولكن لفقدان الأغلبية في مجلس الشيوخ كذلك».
وتكاد تكون المراجعة الأخلاقية من قبيل الشكاوى الإجرائية، لا سيما وأن معسكر السيد ترامب أجرى القليل مما يجب فعله، مقارنة بالفرق الانتقالية الرئاسية السابقة في مراجعة والتحقق من المرشحين قبل ترشيحهم رسميًا. وبطبيعة الحال، وحيث إن السيد ترامب لن يوضح الصراعات التي لن تنتهي على المصالح التي تتعلق بمصالحه التجارية الشخصية، وتلك التي تتعلق بأولاده وزوج ابنته، جاريد كوشنر، والذي يرشحه للتعيين في منصب كبير في البيت الأبيض، فلماذا ينبغي أن ينتظر منه الاهتمام بالصراعات بشأن مرشحيه؟ (ترامب عيّن صهره كوشنر في المنصب ـــ المحرر).
إذا كنتم تعتقدون أن معاوني ترامب المتحزبين داخل الكونغرس سوف يقومون بإجراء عمليات التحقق والمراجعة بالنيابة عنه، فإنكم لم تكونوا على قدر الانتباه والاهتمام المطلوب إزاء السياسات الأميركية. وكل ما يمكن توقعه هو إجراء مراجعة عامة عابرة من قبل الأعضاء الجمهوريين، وبذل بعض الجهود لإقصاء أي من الأعضاء الجمهوريين الذين سوف يحاولون تنفيذ الإجراءات المتبعة.
وماذا عن «منبر الخطابة» الذي سوف يعتليه ترامب بمجرد توليه لمهامه الرئاسية؟ حيث تكمن المشكلة في أنه ليس من المفترض علينا أن نأخذ أي شيء يقوله ترامب على محمل الجدية.
ومؤخرًا، شن ترامب هجومًا لاذعًا على الممثلة العالمية ميريل ستريب التي قالت في خطابها في حفل إعلان جوائز غولدن غلوب إنه سخر مستهزئًا، خلال حملته الانتخابية، من المراسل الصحافي المعاق سيرغي كوفلاسكي. وقال ترامب في رده، كما فعل من قبل، إنه لم يسخر قط من كوفلاسكي، على الرغم من الفيديوهات التي شاهدها الملايين من المواطنين ملايين المرات على الإنترنت والتي تؤكده أنه فعل ذلك على الحقيقة.
وتكمن المشكلة، كما تصفها كيليان كونواي رئيسة الدعاية الانتخابية للسيد ترامب، أن الناس يولون انتباهًا كبيرًا لما يقوله ترامب بالفعل. وسخرت السيدة كونواي إذ قالت: «دائمًا ما تودون محاسبته على كل ما يتفوه به لسانه». بدلاً من ذلك - كما قالت - ينبغي علينا النظر إلى ما يضمره في قلبه للجميع!
لكن الحقيقة المؤلمة هي، أننا لن نتمكن قط من الثقة بما يقوله السيد ترامب حول مبادئه، وسياساته، ونياته كرئيس للبلاد؛ هذا إذا كلف نفسه عناء إخبارنا بأي شيء على الإطلاق. وفي أغلب الأمر، كل ما علينا فعله هو محاولة قراءة عقله وتفكيره فحسب.

* خدمة: نيويورك تايمز