مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

عندما تُجر العروس من شعرها

يقال إن (الفراعنة) هم أول من وضعوا عقودًا للزواج بين المرأة والرجل، وكان العقد يعني تقديم (الطاعة للمرأة) – وهذا هو المهم من وجهة نظري – وليس العكس بالمفهوم الحالي، وهذا هو ما عثروا عليه في ورق (البردي) الذي كتبت عليه بعض عقود الزيجات.
ومن أسخف العادات ما يحصل في جزيرة (غرينلاند)؛ حيث يجر العريس عروسه من شعرها إلى أن يوصلها إلى الكنيسة.
أما العادة الحميدة فهي التي تحصل في (جزر كوك)، حيث تسير العروس مرفوعة الرأس على رجال منبطحين على الأرض، وتمشي هي على ظهورهم إلى أن تصل إلى الكنيسة.
ومن أسوأ البنات المقبلات على الزواج، هي التي ليس لديها ثقة بنفسها، نتيجة لعقدة نفسيه لشعورها دائما بالنقص، كهذه التي سوف أحدثكم عنها:
وقفت الفتاة أمام خزانة الثياب تنظر إلى نفسها في المرآة، استعدادًا للقاء خطيبها، وتناول العشاء معه في مطعم من أرقى مطاعم العاصمة، وكانت أمها تراقبها جالسة على مقربة منها، فرأتها تتحسس صدرها متحسرة وتحدث نفسها قائلة: آه... يا أماه، لو أن صدري لم يكن ضامرًا؟!
ولم تدعها أمها تسترسل في الإشفاق على نفسها، بل أخرجت من صندوق الزينة حشايا من القطن كانت تحتفظ بها، وأخذت تحكم وضعها فوق صدر الفتاة، بحيث سدت ذلك النقص الذي سمعتها تشكو منه، ثم أخرجت من صندوق آخر عقدًا بديعًا من اللؤلؤ طوقت به عنقها، وقالت لها في هدوء: هذا يا ابنتي ما كانت تضعه لي جدتك.
وعادت الفتاة إلى البيت عند منتصف الليل بعد أن شيعها خطيبها حتى الباب، وما كادت تأوي إلى غرفتها وتغلق بابها حتى أخذت تجهش بالبكاء، ولما هرعت إليها الأم تسألها عن سبب بكائها، أجابت قائلة:
أتدرين ماذا حدث حين جلست وإياه إلى المائدة؟! لقد انحنى نحوي وهو يطيل النظر إلى صدري، ثم قال لي: ما أجملك اليوم، أصناعي أم طبيعي ما أرى؟! فلم أستطع الإجابة وبقيت مكتئبة طول السهرة، فابتسمت الأم وربتت على كتفها ملاطفة وقالت لها: لماذا لم تقولي له إنها طبيعية؟! إنها لآلئ أصيلة توارثناها في الأسرة منذ أجيال.
فكفت الفتاة عن البكاء، وتنفست الصعداء، ثم اندفعت تقول:
يا الله! لم يخطر ببالي أنه كان يعني عقد اللؤلؤ لا شيئًا آخر، ثم عاودتها الطمأنينة وشاع في وجهها الإشراق والسرور. انتهى.
ولتحمد ربها أنها ليست في جزيرة (غرينلاند) ولا من سكانها، لأن عريسها لو حاول أن يجرها من شعرها سوف تحدث فضيحة بجلاجل، فواحدة مثلها تزيف وتكبّر صدرها بحشايا القطن، ما أسهل عليها أن تلبس (باروكة).