روجر كوهين
كاتب, نيويورك تايمز
TT

السلام الأميركي... انتهى!

الشيء الجيد بخصوص برنامج «The Apprentice» هو إمكانية إيقاف عرضه. ولكننا الآن سنواصل مشاهدة دونالد ترامب طيلة الوقت. وليس هناك مكان للاختباء. كنت في بابوا نيو غينيا مؤخرًا. وظل اسمه يتردد في كل مكان.
جاء شلال التعيينات الجديدة بأسرع مما كان متوقعًا. ريك بيري لوزارة الطاقة الذي لم يتمكن ترامب من تذكر اسمه عندما أراد النطق به! سكوت بروت لرئاسة وكالة حماية البيئة الذي قضى أعوامه الأخيرة في المقاضاة! وأشد منتقدي قوانين حماية العمال يتولى حقيبة العمل! والمسؤول النفطي الكبير، ريكس تيلرسون، الذي تملك شركته حقوق التنقيب عن النفط في 63.7 مليون فدان في روسيا، مكلف بالتعامل مع فلاديمير بوتين عندما اخترقت موسكو عملية الانتخابات الأميركية الأخيرة!
والأخبار الجديدة: تعيين كيم جونغ أون وزيرا للصحافة، وكرويلا دي فيل رئيس إحدى الجمعيات الإنسانية، وماتا هاري لقيادة خطة العمل الوطنية للأمن السيبراني.
كل ذلك ليس إلا دليلاً آخر على عبقرية ترامب. فهو أستاذ فنون انعدام الاتجاه. فلقد حول الشعب الأميركي إلى شخصيات كرتونية تلك التي تتحرك رؤوسهم في كل الاتجاهات من دون توقف. كيف يمكن للرئيس المنتخب السخرية من كافة التقارير الصحافية القائمة على الحقائق والواقع والمخصصة لدحض الأمور التي لم يؤمن بها قط ولا يتذكرها على أي حال.
الإنسان التائه هو الأكثر بحثًا عن المنقذين، ويعلم ترامب ذلك تمامًا. ولقد كان على حق حتى الآن، وقبل أي شخص آخر، فقد كان يهدف أن الديمقراطية المباشرة من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي ستقضي تمامًا على الديمقراطية التمثيلية.
في أحد المشاهد، هناك الملايين من الأصوات غير القانونية التي صوتت لهيلاري كلينتون، ثم التعلق اليسير بميت رومني، إلى التحلي بالذكاء الخارق لتفهم إفادات الاستخبارات. ودعونا نواجه الأمر. ليست لدينا أدنى فكرة عما سيحدث في البيت الأبيض أو في مقاطعة وايت هاوس إلى الشمال من وسط مدينة مانهاتن. إننا في أي إقليم يبتعد بنا عن المجهول إلى غير المعلوم!
ولكن هناك بعض الأشياء التي تبرز من بين الضباب الكثيف، مثل لا يولي ترامب اهتمامًا للنظام الدولي القائم على القواعد الذي قضت الولايات المتحدة السبعين عامًا الماضية في بنائه والدفاع عنه. وسياسته الخارجية ستكون وفق المعاملات المتبادلة. فإذا ما عادت بالربح على الولايات المتحدة فهي سياسة جيدة، وإن لم تحقق المكاسب، فلا داعي لها. لن تعترف الولايات المتحدة في عهد ترامب بما يسمى بحقوق الإنسان، والحرية، والديمقراطية.
وكرياضة ذهنية، حاولت أن أتصور ترامب يقول شيئا ما، أي شيء، حول التدمير الشنيع لحلب السورية من قبل قوات فلاديمير بوتين وبشار الأسد. وكنت أحاول التصور ما يمكن لترامب أن يقوله حول الجرائم المريعة ضد المدنيين السوريين في القطاع الشرقي المحاصر من حلب، تلك المدينة المزدهرة المضيئة في يوم من الأيام. ولكنني رجعت خالي الوفاض.
لقد قال إنه أمر «محزن». وقال أيضًا إنه سيطلب من دول الخليج ضخ الأموال لإقامة «المناطق الآمنة». فحظًا سعيدًا مع ذلك مع دخول الحرب عامها السادس بعد أيام.
أعتقد أن هناك ميزة واحدة للأسلوب اللاأخلاقي الذي يعتمده ترامب: يمكن أيضًا الامتناع عن أي مواقف أخلاقية؛ لأنه لن يصدقك أحد على أي حال. (ولكي أكون منصفا، فإن سوريا هي بقعة العار السوداء الكبيرة على جبين إدارة الرئيس باراك أوباما). وسيكون من الأمور المخزية بالنسبة للسيد ترامب أن يتحدث عن المبادئ... وتلك هي المشكلة.
إن الولايات المتحدة عبارة عن فكرة. حرية التجرد، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، وسيادة القانون، التي تتجسد من خلال الولايات المتحدة إلى العالم بأسره. بطبيعة الحال، فإن السياسة الواقعية تقوم على المصالح وهي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية الأميركية، ولكن المقاربة التي لا تحكمها القيم من النوع الذي يقترحه ترامب تترك العالم بأسره بلا دفة حكيمة تقود مساره.
* خدمة «نيويورك تايمز»