جوش روغين
صحفي أميركي
TT

هل يمكن أن يواجه الأسد وحلفاؤه العدالة؟

لا يبدو أن هناك سبيلاً يمكن للمجتمع الدولي أن يسلكه لوقف جرائم الحرب المستمرة في سوريا التي يرتكبها النظام الحاكم هناك برفقة حلفائه، ولا سيما في حلب. ولكن عن طريق الانتهاك الصارخ والمباشر للقانون الدولي، يعرض القادة والمسؤولون الأدنى مرتبة للعدالة المستقبلية بطرق متعددة.
أصدر وزير الخارجية الأميركي جون كيري دعوة مفاجئة الجمعة الماضي لإجراء التحقيقات في الفظائع المرتكبة في سوريا. وقال الوزير الأميركي في دعوته: «تدين روسيا والنظام السوري للعالم أجمع بأكثر من مجرد التفسير حيال استمرار قصف المستشفيات، والمرافق الطبية، والأطفال، والنساء. تلك الأعمال تستلزم إجراء التحقيقات المناسبة حول جرائم الحرب».
هناك أدلة واضحة ووافرة على أن نظام الأسد وحلفاءه قد ارتكبوا الجرائم التي تتضمن، على سبيل المثال وليس الحصر، الهجمات المتعمدة على المدنيين، والعقاب الجماعي، والتجويع كأداة من أدوات الحرب، والقتل، والمعاملة غير الإنسانية للسجناء، واستخدام الأسلحة الكيماوية في ميدان المعركة.
ومع ذلك، ليس من المرجح أن يكون هناك أي قدر من المساءلة في المدى القريب. ففي الشهر الماضي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن الدولي إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهي الخطوة التي أيدتها عشرات الدول. ولكن من المؤكد أن تعترض روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو) على تلك الخطوة، حيث إن روسيا وسوريا لم توقعا حتى الآن على النظام الأساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، كما أن صلاحيات المحكمة محدودة من دون تدخل مجلس الأمن الدولي.
ورفضت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتحقيق في الشأن السوري، وبشكل واهن، توجيه اللوم بشأن الفظائع، عندما تعرضت، على سبيل المثال، قافلة الأمم المتحدة للمساعدات إلى الهجوم الشهر الماضي، وهو الهجوم الذي نسبته الولايات المتحدة إلى روسيا ويعتبر انتهاكا آخر للقانون الإنساني الدولي. ويعد الكونغرس الأميركي مشروع قانون للعقوبات من شأنه معاقبة الحكومة السورية، وإيران وغيرها على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولكن البيت الأبيض يعارض مثل هذا التشريع.
ومن المرجح لتحقيق العدالة بالنسبة للضحايا الأبرياء في سوريا أن يستغرق سنوات، إن لم تكن عقودا. ولكن هناك سوابق ومسارا قانونيا يتحرك قدما حيال مثل تلك المحاكمات.
يقول شريف بسيوني الذي قاد التحقيقات التابعة للأمم المتحدة في جرائم الحرب في يوغوسلافيا وليبيا، وساعد في إنشاء نظام المحكمة الجنائية الدولية، إن الميليشيات الموجودة على الأرض السورية تتحمل المسؤولية الجنائية ليس فقط عن المشاركة في جرائم الحرب، ولكن للمساعدة أيضا وتحريض النظام السوري. وأضاف السيد بسيوني يقول، إنه نظرا للمعمول به في القانون الدولي من حيث مبدأ تحمل المسؤولية، يمكن محاكمة كبار الشخصيات العسكرية والسياسية عن أفعال مرؤوسيهم.
وأردف السيد بسيوني قائلا: «تنطبق المسؤولية الجنائية على كل من هم في تسلسل القيادة والذين هم على دراية بارتكاب هذه الجرائم، من أدنى الرتب وحتى مستوى الرئيس. ولا ينطبق القانون فقط على من يصدر الأوامر، ولكن على من يعرف أنها جرائم للحرب ولا يفعل شيئا لإيقافها».
وبموجب اتفاقيات جنيف، يمكن لأي دولة تأكيد ما يعرف باسم الولاية القضائية العالمية وإجراء الملاحقات القضائية ضد القادة في سوريا وروسيا بشأن جرائم الحرب.
واستطرد السيد بسيوني يقول: «يمكن لكل دولة، إذا ما أرادت، التأكيد على اختصاصها القضائي، إذا ما تمكنت من احتجاز الشخص المسؤول. وكل ضابط روسي مشارك في تلك الحرب ينبغي أن يدرك أنه معرض في أي وقت لذلك».
وقال ستيفن راب، الذي كان إلى وقت قريب سفيرا مكلفا بمهمة خاصة لدى وزارة الخارجية الأميركية بشأن جرائم الحرب: «من الوسائل الأخرى لمحاكمات جرائم الحرب هي للحالات التي تمثل في بلدان ثالثة والتي كان مواطنوها ضحايا الأعمال السورية والروسية المرتكبة. وهناك أناس يمكنهم إجراء الملاحقة القضائية لمثل هذه الجرائم بناء على مواطنة هؤلاء الضحايا. ودعونا نبنِ القضايا في كل دولة من الدول التي لقي مواطنوها حتفهم في مثل تلك القوافل الإغاثية».

* خدمة «واشنطن بوست»