زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

لعنة الفراعنة وكارثة 11 سبتمبر!

من أغرب القصص التي سمعتها عن لعنة الفراعنة ما حدث خلال زيارتي الأخيرة لمدينة نيويورك! هناك قابلت عالمة مصريات تعمل بمتحف المتروبوليتان، حكت لي قصة غريبة لم أسمع بها من قبل. قالت عالمة الآثار ونحن جالسان على العشاء مع أصدقاء آخرين أن كثيرين لا يعرفون أن متحف المتروبوليتان أعد معرضًا للصور التي صورها المصور الشهير هاري بورتن، الذي كان يعمل مصورًا في بعثة هيوارد كارتر، مكتشف مقبرة توت عنخ أمون، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، وقد قام هاري بتصوير القطع الأثرية، وكنوز توت عنخ أمون، بل والزائرين للمقبرة، بمعنى أنه قام بتسجيل كل خطوات الكشف.
وقد جمع متحف المتروبوليتان كل هذه الصور، وقام بعرضها في معرض داخل المتحف، وقد تم افتتاحه في صباح يوم 11 سبتمبر 2001، في حضور عمدة نيويورك وكثير من المثقفين والسياسيين، وبعد الافتتاح مباشرة بدأت الهجمات الإرهابية تتوالى في ذلك اليوم الذي لن ينساه الأميركيون، وكان أشد أحداثه صدمة لحظة انهيار برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك.
وأضافت عالمة الآثار أن موضوع الربط بين افتتاح معرض صور الكشف عن آثار توت عنخ أمون وما جرى في ذلك اليوم، لم يلفت نظر الكثيرين، وإنما بعض الصحافيين وعدد قليل من مندوبي وسائل الإعلام.
وكانت المفاجأة، ووقع كلمات عالمة الآثار، ظاهرة بوضوح على وجوه الحاضرين، وفوجئت بالسيدة التي تجلس إلى جواري تقول إنها تؤمن بشدة بموضوع اللعنة، وبأن هناك لعنة خاصة بالفرعون الشاب توت عنخ أمون، مضيفة أنها هي شخصيًا لا تزال تعاني من لعنة الفراعنة، إذ إنها أصيبت بمرض نادر لم يستطع الأطباء حتى اليوم علاجه، وذلك في نفس يوم عودتها من مصر بعد زيارة وادي الملوك في الأقصر ومقبرة توت عنخ أمون!
وأثناء قيامي بتسجيل حلقة عن لعنة الفراعنة في برنامج «بلغاريا اليوم» - أحد أشهر البرامج الإذاعية في بلغاريا - انقطع الإرسال فجأة دون أي سبب! فقلت مازحًا للمعلق إن الفراعنة هم من قاموا بقطع الإرسال، وإنهم يصيبوننا الآن باللعنة. ارتسمت معالم الخوف والرعب على وجه المذيع حتى طمأنته بأن ما قلته ليس إلا على سبيل المزاح. المهم أن الإرسال عاد مرة أخرى دون سبب أيضًا.. دقائق ويفاجأ الجميع بانقطاع الإرسال.. هنا صرخ المذيع، وقال «الآن، آمنت بوجود لعنة الفراعنة، فعلى مدى عشرين سنة لم يحدث أبدًا أن انقطع الإرسال مثلما حدث اليوم». وفي اليوم التالي، كانت الصحف تتحدث عن موضوع قطع الإرسال ولعنة الفراعنة، وقام المستشار حداد الجوهري بترجمة ما نشرته الصحف هناك، وقال لي إن الفراعنة غزوا مدينة صوفيا لأول مرة.
لم يحدث قط أن اعتقدت بوجود لعنة الفراعنة، ودائمًا ما كنت أذكر الصحافيين ومراسلي وسائل الإعلام بأنني قضيت حياتي أحفر وأبحث عن الفراعنة وعن كنوزهم، ودخلت مقابر تكتشف لأول مرة، وأخرجت مومياوات من مقابرها إلى المتاحف، بل وقمت بأول فحص علمي لمومياوات الفراعنة، من خلال أول مشروع مصري لدراسة المومياوات. وعلى الرغم من كل ما قمت به، لم تصبني لعنة الفراعنة!
وكنت دائمًا ما أمزح مع صديقي الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور بأنه لا يوجد ما يسمى بلعنة الفراعنة، والدليل أنا! حتى وقعت أحداث ما بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وقيام زمرة من الأفاقين بالهجوم عليّ، والتشهير بي في شو إعلامي هابط، بحثًا عن الشهرة، ويومها كتب أنيس منصور: «أخيرًا.. لعنة الفراعنة تصيب زاهي حواس».