TT

لبنان.. حكومة ممنوعة من الاستقالة.. ومن الحكم

استغرب الكثيرون كلام وزير خارجية لبنان عدنان منصور في اجتماع جامعة الدول العربية مؤخرا عندما دعا الجامعة إلى التراجع عن موقفها المقاطع من نظام الرئيس السوري بشار الأسد وإعادة مقعد سوريا إليها.
وكان سبب الاستغراب أن الموقف الرسمي للبنان بحسب تعبيرات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو «النأي بالنفس».
والمعنى واضح أي أن السلطة الشرعية في لبنان لا هي في صف النظام ولا في صف المعارضة، ولا هي ضد النظام ولا ضد المعارضة.
الوزير منصور عضو في حكومة ائتلافية يعتبر فيها من ممثلي الكتلة الشيعية المكونة من حزب الله وحركة أمل، وتصرفه في القاهرة يؤكد إلى أنه ملتزم بموقف الكتلة الشيعية لا الحكومة كلها، لأن في الحكومة وزراء من خارج الكتلة وهم مصرون على الموقف الرسمي لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
ولكن هذا الموقف الذي يخالف في الأعراف السياسية ما يسمى «المسؤولية الجماعية» للحكومة ليس جديدا. فوزراء آخرون في الحكومة يعارضونها في قضايا سلسلة الرتب والرواتب التي تطالب بها نقابات العمال والموظفين وفي الأسبوع الماضي هاجم وزيران نافذان في الحكومة تأخرها في بت سلسلة الرتب والرواتب.
وقبلهما قام وزراء آخرون من كتل أخرى داخل الائتلاف الحكومة بمهاجمة سياسات حكومية في مجالات مختلفة منها قانون الانتخابات، والطاقة، والبيئة.
وهكذا يكتشف اللبنانيون أنهم فيما يعيشون في ضيق فظيع، ويشكون من ارتفاع معدلات جرائم السلب والاحتيال، توجد في لبنان حكومة غير قادرة على التفاهم من داخلها، ولا يظهر أن هناك أي قاسم مشترك بين وزرائها إلا أنهم ممنوعون من الاستقالة.
في الدول الديمقراطية بالفعل وليس بالقول، يستقيل وزراء أحد الأحزاب في الحكومة الائتلافية عندما يتجاهل مجلس الوزراء ما سبق الاتفاق عليه مع الحزب الذي ينتمي إليه.
وفي حكومات الحزب الواحد يستقبل الوزير إذا تجاهل باقي الوزراء خططه في وزارته. وحتى في لبنان استقال قبل مدة وزير اسمه شربل نحاس لأنه وقف برجولة من أجل الدفاع عن قضية آمن بها وتمرد حتى على الكتلة النيابية التي كان يمثلها لأنها لم تأخذ برأيه.
في الحكومة الحالية لا يوجد وزير مثل شربل نحاس يحترم دوره كوزير وعندما يتجاوزه أو يخذله الآخرون يستقيل.
الحكومة الحالية رغم كل تناقضاتها أصبحت كما يبدو ممنوعة من الاستقالة مثلما هي ممنوعة من الحكم.