روث ماركوس
صحافية اميركيّة
TT

ترامب غير قادر على التصرف كرئيس

«يداي هاتان»، قالها دونالد ترامب ونظر إليهما ثم لوح بهما للناس في قاعة المؤتمرات الزاهية. يا له من مشهد سريالي، يتحدث كما يتحدث حزب الناتو، وكما يتحدث الناس في جزر «سنكاكو»، وكما يتحدث الناس في مؤتمرات نزع الأسلحة النووية، نفس الأيادي.
قال ترامب «يداي بخير»، مضيفًا «يداي طبيعيتان كما ترون، قد تبدوان أكبر قليلاً. في الحقيقة، عادة ما أشتري قفازات أصغر قليلاً من الحجم الكبير، أوكي؟».
هل يحدث هذا عادة؟ قد لا تصف كلمة «سريالي» غرابة اللحظة، نتحدث عن حجم اليد وعن مقاسات أخرى مع المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري.
لم يكن ترامب هو من استهل الحوار، لكنه فريد حياة، المحرر الشهير لصفحة الرأي بصحيفة «واشنطن بوست». «أنت ذكي وتعلمت في مدرسة جيدة»، قالها فريد حياة لترامب.
يبدو كأنه يتابع ترامب فيما ذكره بشأن ألمعيته التي أكملها بقوله إن عمه الراحل كان أستاذًا بكلية «إم آي تي»، وكان أحد «ألمع الناس». ليس دوري أن أترجم ما يقوله هنا، لست مطالبة أن أفعل هذا كثيرًا لكنني أشعر كأنني أموت هنا. أعرف أن هذا جزء أساسي من حملة ترامب، لكنه في الحقيقة يعتقد أن هيئة التحرير سوف تنبهر بعمه النابغة.
تعني إِشارة ترامب لذكائه، أو على الأقل النقطة التي استهل بها حديثه، أنه يفهم تمامًا الفارق بين «الوجهين».. بين الحملة الانتخابية وإدارة الدولة، وأن ترامب المرشح الرئاسي يجب أن يذهب بمجرد أن يصبح الرئيس ترامب.
يشير ترامب إلى أنه تعين عليه أن يهزم 16 خصمًا: «أغلبهم خرج بالفعل. إذا كان عليّ أن أفعل ذلك بشكل مختلف أعتقد أنه ما كان عليّ أن أجلس في مكاني هذا. فسوف تجري مقابلات مع شخص آخر. لكنه من الصعب أن تتصرف كرئيس عندما تكون.. أقصد أنك تتصرف كرئيس لأنك فائز».
حسنًا، سواء كان هناك ترامب واحد أو اثنان، أيًا كان العدد، فإنه شخصية فورست غامب في مواجهة فينيس لمبرادي. فأن تكون رئيسًا عليك أن تتصرف كالرؤساء. الفوز ليس كل شيء.
دعونا نعود لسؤال المحرر حياة «أنت هناك وتتحدث عن يديك وعن أعضاء جسمك»؟
ليس الغرض هنا أن تكون استفزازيًا. في الحقيقة هو اختبار لمعرفة ما إذا كان ترامب جاهزًا لدخول مرحلة جديدة أكثر نضجًا. قال المرشح المنافس ماركو روبيو، أو ليلدل ماركو حسب ما يدعوه ترامب، إنه يأسف لذهابه إلى هناك. هل يتمنى ترامب لو أنه لم يجب من الأساس عن السؤال ولم يثر الموضوع ليتجنب الاستفزاز في مناظرة رئاسية؟
ها هو الجزء الكاشف في ترامب: هو لم يوجه فقط «لكمة مضادة» كما يقول لنا، لكنه كان مجبرًا عليها. فهو ليس فقط بمقدوره أن يمتنع في الوقت الحالي، لكنه أيضًا لا يستطيع أن يرى بديلاً آخر للحمام البارد لفهمه المتأخر.
قال ترامب «كان عليّ أن أفعل ذلك» وأجيب عن سؤال روبيو، مضيفًا: «ولذلك بدأ هو»، كان المؤيدون يتحدثون، وفق ترامب، قلقين بشأن التشوهات: «فعلت ذلك لأن الجميع كانوا يقولون لي بأن يديّ عاديتان، تبدوان طبيعيتين».
ماركوس: أنت اخترت أن ترفعها.
ترامب: لا اخترت أن أجيب.
ماركوس: اخترت أن تجيب؟
ترامب: لم يكن هناك خيار آخر.
ماركوس: أنت اخترت أن ترفع يدك أثناء المناظرة الرئاسية. هل لك أن تشرح لي لماذا لم يكن أمامك خيار آخر؟
ترامب: لا أريد من الناس أن تعتقد أن لديّ مشكلة.
استمر هذا الحال حتى استشاط فريد حياة، غالبًا غضبًا مني، لينهي الحوار قائلاً: دعنا نغير الكلام.
تستطيع أن تجادل بأنه كان علينا التنقيب أكثر، فأحد الموضوعات التي لم نتناولها كانت مثلاً: كيف سيستطيع ترامب أن يوازن بين التوتر المتأصل في رثائه لحجم الديْن، والحالة المؤسفة للبنية التحتية في الولايات المتحدة، ومقترح تقليص 10 تريليونات دولار من الضرائب الأميركية؟
سوف تكون محقًا بالطبع، فترامب سيد الإزاغة، وتركيز الإعلام على غضب ترامب يحميه من الاستجواب.
حاولنا علاج ذلك، لكن النقاش الذي تناول يديه كان كاشفًا، إذ أن شخصية الرئيس لا تقل أهمية عن ذكائه وإعداده لما يقول. الفوز وحده لا يكفي لأن تكون رئيسًا، فالرئيس مطالب أيضًا بالتحكم في ردود فعله، ويقاس ذلك بطريقة تعامله مع خصومه سواء الأجانب أو أبناء بلده.
يجب ألا نغفل أن شخصية ترامب، حسب ما قال بنفسه، لا تسمح بأي إهانة من دون رد. بيد أنه عندما يتعلق الأمر برئيس مرتقب فإن هذه السمة مخيفة كغيرها من زلات ترامب الكبيرة.
* خدمة «واشنطن بوست»