ليونيد بيرشيدسكي
TT

عقوبات أوباما تزيد من سعادة بوتين

ردا على الاستفتاء الهزلي لانفصال شبه جزيرة القرم، فرض الاتحاد الأوروبي وأميركا عقوبات ضد مسؤولين روس، لكن كل ما ستفعله هذه العقوبات للرئيس الروسي هي أنها ستزيد من سعادته. فلم تتسم قائمة الشخصيات الروسية والأوكرانية التي وضعتها الولايات المتحدة بالمنع من السفر وتجميد الأصول، ضمن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس أوباما، بالحسم، رغم قدرة وزير الخزانة جون ليو ووزير الخارجية جون كيري إضافة المزيد من الأسماء، بيد أن القائمة لم تشمل حتى الآن سوى سبع شخصيات روسية، يشكلون بالكاد أعضاء الدائرة الضيقة لبوتين. صحيح أنهم صقور يدعمون ضم روسيا لشبه جزيرة القرم - كما يفعل أغلب الروس هذه الأيام - لكنّ أيا منهم لم يتخذ قرارا مصيريا خلال الأزمة الأوكرانية.
من بين أبرز الأسماء في القائمة فالنتينا ماتفينكو رئيسة مجلس الشيوخ الروسي، المجلس الاتحادي، ونائب رئيس الوزراء ديمتري روغوزين، قومي متعصب، والمسؤول عن المجمع الصناعي العسكري، والذي وجه انتقادات لاذعة إلى الحكومة الأوكرانية الجديدة، لكن الهيئة التي يرأسها مسؤولة عن صناعة الأسلحة لا عن استخدامها.
وتضم القائمة أيضا فالديسلاف سوركوف، الذي كان في ما سبق أكثر نفوذا من ماتفينكو وروغوزين، حيث كان نائب رئيس هيئة الأركان للشؤون الداخلية. وكان مسؤولا تحديدا عن منع قيام الثورة في روسيا أثناء الثورة البرتقالية الأوكرانية عامي 2004 و2005. ثم خرج في ما بعد من الدائرة الضيقة المقربة من بوتين، لكنه حقق عودة متواضعة كمبعوث غير رسمي للرئيس الروسي إلى أوكرانيا ويضطلع بشؤون الدول الحليفة لروسيا مثل أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وقد تكون نصائح سوركوف قد قادت بوتين بشكل غير مباشر لغزو أوكرانيا، لكنّ دوره استشاري فقط، كما هو الحال بالنسبة لسيرغي غالزييف مستشار بوتين الأوكراني المولد الذي دفع حكومة الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش للتخلي عن خططها بتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والموافقة على توقيع اتفاق مع روسيا وكازاخستان وبلاروسيا عوضا عن ذلك.
وأخيرا تضم قائمة أوباما نواب البرلمان أندري كاليشاس وليونيد سلوتسكي ويلينا ميزولينا، الذين قدموا تشريعا يقبل القرم كجزء من روسيا، بيد أن الأوضاع تسير في روسيا بوتين على النحو التالي: كل التشريعات المهمة يقترحها الكرملين. ومعاقبة أعضاء مثل سلوتسكي وكاليشاس وميزولينا أشبه بمعاقبة القرد والسماح للعازف بمواصلة العزف.
إذا كان هدف السلطات الأميركية هو معاقبة الأشخاص المسؤولين عن مغامرة بوتين الأوكرانية، فينبغي عليهم البدء في محاسبة الرئيس الروسي، فهو وحده المسؤول عن اتخاذ القرار الروسي. وقد يواجهون مشكلة في اكتشاف المسؤول عن القوات الروسية المجهولة التي انتشرت في القرم، والشخص الذي أرسل الحمقى لإثارة الاضطراب في جنوب شرقي أوكرانيا، لكن معاقبة بوتين تبدو فكرة مخيفة، وتحديد الأفراد الذين قاموا بهذا العمل تبين أنه أمر بالغ الصعوبة.
من ناحية أخرى، قام الاتحاد الأوروبي بعمل أفضل على تلك الجبهة، فقد كشف يوم الاثنين عن قائمته الخاصة التي تستهدف فرض عقوبات على 21 شخصا، وتتضمن قادة الأسطول الروسي في البحر الأسود وقادة المناطق العسكرية في الجنوب والغرب، إضافة إلى قائمة مطولة من نواب البرلمان المؤيدين لضم القرم ومسؤولي القرم الانفصاليين، بيد أن أيا من القائمتين لن يشكل تأثيرا يذكر على بوتين أو حتى الأشخاص الذين وضعوا على قائمة العقوبات. فلا يعلم لأي منهم ممتلكات في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة لتجميدها. فكاليشاس، رئيس شركة «إم إم سي نوريلسك نيكل أو جيه إس سي»، شركة المعادن النادرة، يمتلك منزلا في سويسرا التي ليست جزءا من الاتحاد الأوروبي. وفيكاسلاف فيتيسوف أسطورة الهوكي السابق وعضو مجلس الاتحاد الروسي الحالي، الذي دعم ضم القرم، يمتلك منزلا وأراضي في الولايات المتحدة، حيث كان يلعب الهوكي، لكنه ليس على القائمة الأميركية.
أين الأهداف الأكثر وضوحا، من رجال أعمال حققوا مليارات بفضل صداقتهم الشخصية مع الرئيس بوتين؟ وقد أعلنت شركة «أوا رونفت»، الشركة التي يرأسها واحد من أقرب مساعدي بوتين، إيغور ساشين، يوم الاثنين أنه استحوذت على 26.19 في المائة من شركة صناعة الإطارات «آند سبا» من ثلاثة مصارف إيطالية.
وتمتلك «روزنفت» الثقة للاستمرار في توسعاتها الدولية، لأن العقوبات ليست إلا للتباهي فقط، وإذا قرر الغرب التوقف عن هذا الحد فسوف يكون رهان بوتين بضم جارته القرم ناجحا.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»