حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

عادل اللبان.. يفكر ويكتب

على المستوى الشخصي لديّ بعض الأسماء أتابعها بشغف في تحليلاتها وآرائها في الشأن الاقتصادي، وأحرص على تحليل ما يقولون بدقة لأنهم متميزون في طروحاتهم بشكل لافت ومختلف. فإذا رغبت في قراءة دقيقة لاقتصاد النفط فيوجد محمد سالم الصبان، وفي الاقتصاديات العامة إحسان أبو حليقة، وفي الاقتصاد المصرفي هناك سعيد الشيخ، وفي الاقتصاد الاجتماعي هناك جلال أمين، وفي الخصخصة هناك حازم الببلاوي، وفي العولمة هناك مروان إسكندر، وفي الاقتصاد السياسي هناك كمال ديب، وهم جميعا يغنونني عن الاستماع إلى بعض مسؤولي الاقتصاد والتخطيط في الدول العربية وهم ينثرون تصريحاتهم التي لا علاقة لها بالواقع، وأقل ما يقال عنها أنها جانبها الصواب ومخجلة. ولذلك عندما يطرح عادل اللبان (الذي أعتقد أنه أهم مصرفي في العالم العربي اليوم) بعض أفكاره في كتابة منتظمة بصحيفة «المصري اليوم» في شكل عمود أسبوعي فهو يستحق أن ينصت إليه، لأن لديه المهم مما سوف يقول.

عادل اللبان مصرفي عمل في «مورغان ستانلي»، فاكتسب خبرة مهمة مع البنوك العالمية والأميركية، ثم طور البنك التجاري في مصر ليجعله أهم بنك في مصر، وتعرض لمضايقات لا تحتمل، فخرج ليستقر في البحرين ليقود أحد أهم بنوكها ليحوله لأحد أهم البنوك الخليجية والمتوسعة إقليميا. لكن عادل اللبان لم يعزل نفسه ويكتفِ بالنجاح الكبير الذي حققه، فهو صاحب ضمير حي وعين مراقبة لما يحدث، وأراد أن يستخلص تجارب وخبرة سابقة ليقدمها كوصفة علاج حتى لو كانت بشكل صادم، فهو يطرح أفكارا غير تقليدية للإصلاح الإداري الحكومي، ويطالب بالتفكير المتكامل وتوحيد الهدف. فهو يطالب بإعادة النظر في تعريف الدور التقليدي والمعروف والمتوارث لكل وزارة من وزارات الدولة، ويرى أن استمرار تعريف وزارات الحقيبة الاقتصادية بمن هم معنيون بالشق المالي هو تعريف قاصر وضعيف وجاهل، ويستشهد بأهمية أن تكون وزارة الخارجية جزءا أساسيا من المشروع الاقتصادي للدولة، وأن يكون اختيار أفرادها مراعيا لأهمية الترويج لطروحات التجارة والصناعة والاستثمار والسياحة بشكل مدروس ودقيق وعملي.

ويرى اللبان أيضا أن وزارة التعليم بات من الضروري أن يُراجَع دورها بدلا من تقديم جرعات من التعليم المجاني لأكبر عدد ممكن من الطلبة، بحيث يجري إيجاد منظومة تعليمية حقيقية تصب في صالح سوق العمل بتفصيل أدق لمراحل ما بعد الابتدائية. ويطرح بدقة ماهية وضع البنك المركزي، وهو الجهاز الحساس، وكيف له أن يستمر في إدارة السياسة النقدية مع استمراره في الرقابة على البنوك، وفي ذلك تضارب وتناقض لا بد من الخلاص منه فورا. ويناشد بإعادة النظر في تعريف وزارة الأوقاف بدلا من أن تكون وزارة معنية بالمساجد والدعوة والإرشاد، بحيث تتحول إلى كيان يدرك أن هناك ثروات هائلة تحت إدارته بحاجة لعقلية معينة ومحترفة لإدارتها لتعود بالفائدة على المجتمع. وينادي بحسم وضعية النقل العام المشتتة بين أكثر من وزارة مما يسبب ازدواجية في الولاية، فلا يكون هناك مسؤول حقيقي عن الإنجاز أو الإخفاق، وكذلك مناداته بمراجعة لوزارات الداخلية وأدائها بين الأمن العام والأمن السياسي وتبعيات ذلك المالية، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارات البيئة التي تحولت إلى صورة جمالية من دون مردود اقتصادي توفيري.

الطروحات الجادة والمهمة المقدمة من عادل اللبان بحاجة لأن يستمع وبإنصات إليها، فهي تأتي من عقلية ناجحة ومميزة تتحدث بجدية ومن خلال تجربة مميزة.