سعد المهدي
TT

اتحادان آسيويان.. الحل للوحدة المستحيلة!

قد تكون هناك أفضلية لبعض فرق شرق القارة الآسيوية على غربها، لكن ذلك ليس ظاهرا بشكل كلي. لا يمكن فصل التأثير التاريخي المنشئ للظواهر المجتمعية عن الواقع من خلال تشكيله والتحكم بنتاجه، لكن الاختلاف التام ليس ميزة حسنة أو سيئة.
في شرق القارة حياة مختلفة تمامًا عن غربها، التشابه فيما بين جهتي القارة معدوم، ولا يعني أن تكون كرة القدم لغة عالمية أنه يمكن إيجاد نفس آليات وأدوات اللعبة أو البيئة ذاتها كما هي في كل مكان.. سيبقى اللعب واللاعب فقط هما المشترك الوحيد، وبالتالي، فإن صناعة اللاعب الذي سينجز لنا اللعب تتحكم في مخرجاتها آليات وأدوات وبيئة تتوافق مع حضارة وتاريخ كل جهة.. ذلك له أهميته فيما بعد فيما تنتجه أطراف اللعبة.
في الصين واليابان وكوريا وتايلاند، نمط حياة وأسلوب تفكير يختلفان بالمجمل عن دول الشام والخليج أو حتى إيران.. مما يعني أيضا إنسانا مختلفا في طريقة عيشه ونمط سلوكه، في تركيبته النفسية ووعيه واهتماماته. في هذه البلدان شرقا وغربا شبان يريدون لعب كرة القدم بالطريقة التي ألفوها وتعلموها ممن كانوا قبلهم، جميعهم تتحكم فيهم ثقافة خاصة بعضها يخدم حاجتهم وبعضها الآخر يهدم فيهم إمكانية النجاح.
أمور كثيرة تعترض توحد كرة القدم في آسيا، البعض يطلق على كرة شرق القارة «الكرة الآسيوية» ويرى أن لها ملمحا خاصا وأسلوبا متفردا، مما يجعلها تمثل شيئا «ما» لا يوجد في كرة غربها «المتعولم»، تماما مثلما لا يرى العالم كرة القدم الأفريقية إلا في نيجيريا والكاميرون وساحل العاج والسنغال، ولا يراها في المغرب ومصر والجزائر. القارة الآسيوية حاول أن يجمعها اتحاد الكرة الآسيوي من خلال مواجهة واحدة في نهائي الأندية الأبطال، بحيث لا يلتقي الطرفان قبل ذلك، وهذا يكشف بوضوح أن الغرب غرب والشرق شرق، ولا يمكن أن يلتقيا إلا لقاء وداع.
لكن هل كان على الاتحاد الآسيوي مسؤولية توحيد القارة بالتعريفات ذاتها لأي وحدة؟ لا أعتقد أنه يمكنه ذلك؛ إذ إن شروط الوحدة لا تتوفر، لا تاريخ مشترك ولا أرض أو لغة أو عرق أو دين، ولا يمكن لكرة القدم أن تتحمل كل هذا التباين، فإذا كانت كرة القدم لغة عالمية، فإن لهجتها مختلفة بين الغرب والشرق بالقدر الذي بالكاد يفهم كلاهما الآخر، ومن ذلك قسم الاتحاد الآسيوي بطولته للأندية إلى شرق وغرب، في تجربة لثلاثة أعوام تنتهي العام المقبل، بعدها يقيم التجربة. بعد المسافة بين دول القارة يصل من 10 إلى 14 ساعة، ويحتاج إلى أيام قبل وبعد كل مباراة من الدور التمهيدي حتى النهائي، ذلك له انعكاسات سلبية على روزنامة كل دوري، هذا وحده كاف لأن تذهب الآراء لتأييد النظام الحالي، حتى إمكانية الاحتكاك المباشر بين فرق القارة مع أسلوبين مختلفين في الأداء وبيئتي عمل وحياة غير متشابهتين وفارق في التوقيت واختلاف في مواعيد روزنامة المسابقات، لا طائل منها.. كل ذلك يصب في اتجاه تقسيم فرق القارة في أي منافسة غير مجمعة، فهل يؤدي ذلك فيما بعد لوجود اتحادين منفصلين يرتبطان مباشرة بالاتحاد الدولي.. ما المانع؟