سعد المهدي
TT

نريد الانضباط لكن لا نريد الانضباط!

في تبسيط لمسألة انضباط اللاعب السعودي المحترف، يمكن القول إن الأمر له أضلاع ثلاثة: النادي، واللاعب، والجمهور.. النادي جهة تعاقد، واللاعب موظف، والجمهور جهة مستفيدة.
لا يحق للنادي التعاقد مع اللاعب إلا بشروط الكفاءة والقدرة على تنفيذ المهمة، ولا يجوز للاعب التقصير في الإنتاجية أو الإخلال بشروط وبنود العقد، وعلى الجمهور أن يتخذ موقف الوسط بين الطرفين يراقب ويحاسب كل طرف منهما بموجب ما ينص عليه العقد.
هناك حد أدنى لا يمكن للنادي التنازل عنه، وهو التزام اللاعب التام بالبرنامج الفني، وما تنظمه اللائحة الداخلية المستندة على العقد المتفق عليه، وتتضمن حقوق اللاعب وواجباته، فيما يبقى الحكم على ناتج العطاء مرهونا بعوامل تتوزع بين اللاعب وأطراف أخرى تتحمل المسؤولية بنسب متفاوتة ومتغيرة والحكم فيها للتقدير والقراءة الفنية.
قصة انضباط اللاعب تتقاطع مع موهبته وقيمته المهارية والجماهيرية.. هذا واقع لا مفر منه، وبالتالي، فإن محاولة ثنيه أو ردعه عن ارتكاب المخالفات الموجبة تطبيق النظام إذا ما كان نجما شعبويا، تثير حفيظة الغالبية من جماهير النادي، ولا تلقى القبول من طرف بعض أعضاء الشرف، وهنا يحدث انقلاب في المشهد ممن كانوا مع الانضباط والعدل بين اللاعبين، والحجة أيضًا مصلحة الفريق كما هي عندما كانوا يرونها في ضرورة الانضباط.. فكيف يكون ذلك؟
ذلك يحدث حتى في الأندية الأوروبية الأكثر قدرة في تطبيق الأنظمة، وإن كان في حالات قليلة، لكنه يبرهن على سطوة النجم وتأثير المدرج على متخذ القرار، إنما ما يهمنا هو اللاعب المحترف السعودي ودرجة انضباطه في حدها المقبول، ودور العناصر الثلاثة؛ النادي واللاعب والجمهور، في تحقيق ذلك بصفتها رغبة حقيقية يشتركون في إرسائها بحيث تكون المخالفات بعدئذ حدثا طارئا ومن لاعبين محدودين جدًا وفي ظروف يمكن تفهمها، لا أن تكون أمرا اعتياديا نقره ممارسة وإن أنكرناه بالقول.
لا بد من تعزيز قيمة الانضباط من خلال تفعيل تطبيق أدق وأصغر برامج التحضيرات، مثل تلك المتعلقة بما يعتقد اللاعب خطأ أنها تتعلق بحياته الخاصة فيما هي ذات تأثير على أداء واجبه الوظيفي.. لا بد أن يفهم صراحة أن النادي يستثمر في قدراته المتمثلة في حضوره الذهني والبدني بأعلى درجاتهما، وأن طاقته وموهبته ونجوميته ووقته وإمكاناته مسخره لصالح النادي وعلى ذلك تم التعاقد معه، وفي المقابل على النادي الوفاء بما عليه من التزامات مالية تجاه اللاعب بدرجة الانضباطية نفسها.. هذا من شأنه أن يعزز بينهما العلاقة والقناعة أيضًا.
لا يمكن فهم أو تفسير ما يقوم به لاعب محترف يتقاضى أجرا شهريا بمئات الألوف، من مخالفات قد تتسبب في أن ينتهي به الأمر لأن يتحول إلى شخص عاطل، إلا أننا أيضًا، ومع استشراء ذلك، سنقامر بمصالح الأندية، مما يعني أن الإصلاح مسؤوليته أكثر على القائمين بشؤون الأندية والاحتراف في اتحاد الكرة. نحن لا نريد مزيدا من الأنظمة، بل الحل السحري الذي يضمن استيعاب اللاعب في النظام واحتواءه دون أن نغفل جانب أن اللاعب يقوم بنشاط إبداعي تتأثر درجته بطبيعة التعاطي معه، لكن دون التنازل عن الحد الأدنى من الانضباط وهو الالتزام باللوائح الداخلية، هذا لا يتحقق في أنديتنا دون أن يكون له ما يبرره.. أما الضلع الثالث؛ الجمهور، فهو مع الأسف لا يقوم بدوره.. هو لا يؤثر إلا سلبا، يصرخ في وجه اللاعب إذا أخطأ، وفي وجه صاحب القرار إن عاقبه!