ليونيد بيرشيدسكي
TT

لماذا يريد بوتين لقاء أوباما؟

إذا استمعت للمتحدثين باسمي الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين، فإنك سوف تحصل على روايات متضاربة عما سيتحدث عنه الرئيسان الأميركي والروسي، خلال لقائهما في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل. وعلى الرغم من الاختلافات، فإن الحاجة للاجتماع ليست تضييعا للوقت.
وصوّر ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، أوباما بأنه يتوق إلى فرصة لمناقشة الأوضاع في سوريا، حيث تصعد روسيا وجودها العسكري هناك. وعلى النقيض، قال جوش إرنست، المتحدث باسم أوباما، إن العدوان الروسي على أوكرانيا سوف يتصدر جدول أعمال الرئيس الأميركي، واصفًا بوتين بأنه «أكثر يأسا». كما سخر إرنست من إيماءات الرئيس الروسي خلال لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا، قائلا إن «وقفته غير مثالية، ويرتدي سترة محلولة الأزرار، وركبتاه متباعدتان، لنقل صورة معينة». ولا يقدم الطرفان – اللذان يقفان لبعضهما واحدة بواحدة – سوى قدر ضئيل من الحقيقة، فلن يجتمع أوباما مع بوتين بدافع الأدب أو التنازل (حيث تظهر الخلافات جليًا أمام الجميع)، وليس هناك جديد لمناقشته بشأن أوكرانيا لا يمكن قوله عبر الهاتف. وعلى الجانب الآخر، من الصحيح أن بوتين يحتاج لهذا الاجتماع أكثر مما يحتاجه أوباما. وبصرف النظر عن إظهار أنه لا يزال لاعبا مؤثرا، وليس طاغية محليًا يتجاهله العالم، ويعاني من انهيار قاس بسبب تراجع أسعار النفط، فإنه يجب على الرئيس الروسي أن يحاول مناقشة التحالف الظرفي في سوريا.
ويمثل العمل منفردًا في سوريا خطرًا كبيرًا على روسيا، ولا يمكن لبوتين أن يتحمل فشل العملية العسكرية في سوريا، ويمكن للتنسيق مع الولايات المتحدة أن يزيد كثيرًا من فرص النجاح.
ومع ذلك، فإن التحالف مع بوتين – بالنسبة لأميركا – يأتي مرفقًا بأنه: بمجرد هزيمة تنظيم داعش، تحتاج واشنطن إلى مناقشة أوضاع ما بعد الحرب، مع موسكو. غير أن الطرفين لديهما سجل سيئ في الاتفاق على أي شيء. وكذلك إذا تراجع أوباما عن التزامه بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، واتفق على الانتقال السلس للسلطة في دمشق، فإنه بذلك يعطي الجمهوريين ذريعة جديدة لاتهامه بالضعف.
ومما لا شك فيه أن الاجتماع سوف يتركز على سوريا. وستكون أوكرانيا عنصرًا فرعيًا، وليس حتى ورقة مساومة: فلا يمكن لبوتين أن يعول على أوباما في تقديم أي تنازلات هناك، لأن روسيا تتفاوض من موقف ضعف. ولكن لم يتخذ بوتين أي تصرف في سوريا، باستثناء إرسال بعض المعدات العسكرية وعدد محدود من القوات (فلم يرد أي تأكيد على التقارير التي تفيد بمقاتلة القوات الروسية في سوريا). كما أنه عثر على حليف غير متوقع هو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي اقترحت التحدث مع الأسد وحلفائه في إيران وروسيا لحل الصراع السوري. وتحتاج ميركل إلى السلام في سوريا ليساعدها ذلك في معالجة أزمة اللاجئين التي تهدد بتقويض سلطتها في ألمانيا.
يجب على بوتين أن يثبت لكافة هؤلاء القادة أنه حاول التوصل إلى حل تفاوضي قبل أن يتخذ أي عمل عسكري إلى جانب الأسد. ومن جانبه، لا يمكن لأوباما أن يعتبر أن تحرك بوتين في سوريا مجرد خدعة.
لا يتعين على الرئيس الأميركي أن يقدم تنازلات كثيرة – من خلال الإشارة إلى احتمالية استعداده لـ«إعادة النظر في سوريا»، مثلما اقترح المنسق السابق للبيت الأبيض في الشرق الأوسط، فيليب غوردن، في مقال مطول بصحيفة «بوليتيكو» يوم الجمعة الماضي. وكانت فكرة غوردن بأن تتوقف الولايات المتحدة عن الإصرار على التغيير السريع للنظام، والتطلع إلى حل وسط، وهذا يتضمن التنسيق مع روسيا وإيران.
وفي الظاهر، سوف يثير الاجتماع عناد أوباما ضد رجولية بوتين المفرطة. ومع ذلك، قد يكون الاجتماع بداية عملية سلام من شأنها إفادة الجميع.