مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

فرنسا تخاف فقط من الإرهاب السنّي!

استمع إلى المقالة

تضايق بعض المراقبين من تصريحات وزير الداخلية الفرنسي (جيرالد دارمانان) التي قالها من نيويورك لوكالة الصحافة الفرنسية، وخلاصتها، أن الخطر الأعظم على فرنسا هو «الإرهاب السنّي». داعياً، خلال زيارة أميركا، لتعزيز التعاون الأمني مع واشنطن؛ خصوصاً قبل استضافة باريس «أولمبياد 2024» الصيفي.

دارمانان، قال للصحافة من هناك: «بينما قد تكون للأميركيين رؤية وطنية أكثر للأزمات (مثل) التفوق العِرقي الأبيض، وعمليات إطلاق النار الجماعية المتكررة، والتآمر، يجب ألا ينسوا أن ما يبدو لنا في أوروبا التهديد الأول هو الإرهاب السّنّي».

كما تحدّث عن نوعين من التهديدات، داخلية تتمثل بـ«أشخاص غير مُنضوين في شبكات، يتطرفون، ينتقلون إلى التنفيذ في غضون ساعات، في غضون أيام... شخص يحمل سكيناً، يدخل مخبزاً ويقتل الناس»، وخارجية مثل «أشخاص ينظّمون أنفسهم في الخارج، ويأتون إلى فرنسا لتنفيذ اعتداءات»، كالتي شهدتها باريس، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.

الحق، إن الرجل محقّ في تخوّفه، والشواهد ماثلة أمامنا كهجمات «داعش» وخلايا «الدواعش» في ضواحي باريس وحي (مولنبيك) الشهير في العاصمة البلجيكية بروكسل، والجميع من الباحثين المهتمين يتحدث عن الخلايا «الداعشية المغاربية» في فرنسا وبلجيكا وبعض الدول الأوروبية الأخرى.

نتذكر الهجمات على المسارح والشواطئ التي يقوم بها «داعشي» انتحاري أو يقود حافلة يدهس المدنيين بها أو رجل «ذئب منفرد» يشهر خنجره على الأبرياء ويطعنهم، ونتذكر هجمات «دواعش» هنود وباكستانيين وليبيين في لندن وغيرها.

قبل ذلك نتذكر هجمات «القاعدة» على شوارع وقطارات بريطانيا وإسبانيا... الشواهد كثيرة ولا مجال لحصرها هنا.

إذن الوزير الفرنسي مصيب فيما قال، وهذا واجبه، أن يحمي أمن بلده ويتحدث عن أمن جيرانه الأوروبيين.

هل هذا كل شيء؟

الإجابة الواضحة: لا مسيو جيرالد.

من يحتضن قيادات مثل أبي حمزة المصري، وأبي قتادة الفلسطيني، والمحرضين على الإرهاب وحماته في لندن وغيرها من المدن الأوروبية منذ عقود وعقود من الزمن؟

من يضغط على الدول العربية التي تلاحق زعماء الإرهابيين وحواضنهم الإخوانية، مثل مصر والسعودية والإمارات، بحجّة أن هذه الدول تقمع الديمقراطية والنشطاء؟

أمر آخر مسيو جيرالد.

اتفقنا معك على خطورة الإرهاب السنّي على فرنسا وأوروبا، بالنسبة لي أتفق معك تماما... ماذا عن الإرهاب المرعي من الحرس الثوري الإيراني وتوابعه؟!

27 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، سوف تشهد بلجيكا محاكمة دبلوماسي إيراني هو (أسد الله أسدي) بتهمة التخطيط لعملية إرهابية ومحاولة قتل عدد كبير من الأشخاص، الرجل كان قد قبض عليه بألمانيا صيف 2018 وتمّ تسليمه إلى بلجيكا. الرجل حسب الاتهامات البلجيكية والفرنسية، كان قد خطّط وموّل، بناءً على أوامر مباشرة تلقاها من إيران، لقتل أكبر عدد ممكن من المشاركين في مؤتمر نظّمته المعارضة الإيرانية في (فيلبنات) إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية يونيو (حزيران) 2018.

المدهش، وحسب محضر الشرطة البلجيكية، كما أشار الأستاذ فارس خشان في مقالته بالنهار اللبنانية، كان تأكيد أسدي، في لقاء تمّ بناء على طلبه مارس (آذار) الماضي، أنّ هناك جماعات مسلحة في العراق ولبنان واليمن وسوريا وإيران، سوف تراقب مجريات المحاكمة، وهي لن تستكين إذا جاء الحكم ضده، بل ستكون لها ردّات فعل «ميدانية» ترتد سلباً على استقرار بلجيكا وأمنها.

انتبهت مسيو جيرالد لكلمة «ميدانية»؟!