مع توجيه اتهامات إلى دونالد ترمب، وتعثر وتذبذب وضع رون دي سانتيس في استطلاعات الرأي، مع استمرار زهو وتفاخر الديمقراطيين بالعرض القوي خلال الانتخابات النصفية، ربما يشعر البعض أن إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن أبعد ما تكون عن أن تصبح أمراً منتهياً ومحسوماً.
مع ذلك، ومع إعلان بايدن ترشحه لفترة رئاسية جديدة يوم الثلاثاء، من المهم ملاحظة أمر بشأن استطلاعات الرأي المبكرة لعام 2024، وهو أن السباق يبدو غير محسوم والفروق بين المرشحين متقاربة. يكشف كل استطلاع تم إجراؤه مؤخراً تقريباً عن سباق رئاسي محموم يتضمن قدراً كبيراً من التنافسية. يتقدم بايدن على ترمب في المتوسط بمقدار 1.4 نقطة حتى هذه اللحظة خلال العام الحالي، في حين يتقدم دي سانتيس على بايدن بأقل من نقطة واحدة.
والآن لتوضيح الأمور، لا أعتقد أن على المرء التعويل كثيراً على استطلاعات رأي خاصة بالانتخابات العامة، لكن لا ينبغي أيضاً الثقة بشكل كبير في نتيجة انتخابات عامة في هذه المرحلة المبكرة. لو كان هناك أي مجال لوجود ثقة مبكرة، لكان قد تجلى في استطلاعات الرأي المبكرة. إذا كان ترمب محكوماً عليه بالفشل، فلماذا لم يُمن بالهزيمة في استطلاعات الرأي؟
على الأقل يبدو أنه كان يتم القيام بعمل بايدن بدلا منه؛ حيث لا يزال الرضا عن عمله، والتقييمات الخاصة بأفضليته، عالقين عند مستوى بداية الأربعينات، وهذا يجعله أضعف من عام 2020، حين أوضحت استطلاعات الرأي تفضيل الناخبين له بوجه عام. يمكن القول بعبارة أخرى إنه في الوقت الذي تم فيه حسم انتخابات 2020 من جانب الناخبين المعجبين ببايدن والكارهين لترمب، يبدو حالياً أن من سيحسم انتخابات 2024 ناخبون يكرهون كلا المرشحين.
ما سبب هذا الوضع المتدني المتراجع لبايدن؟ تعدّ أسباب ما تلقاه بايدن من تقييمات ضعيفة محور جدال ونقاش منذ تراجعها في أغسطس (آب) 2021. تم النظر إلى الانسحاب من أفغانستان، وارتفاع معدلات الإصابة بـمتحور فيروس كورونا «دلتا»، وتعثر الأجندة التشريعية، وبدايات حدوث تضخم، بوصفها نظريات محتملة. يبدو أن كل تلك التفسيرات اليوم في تراجع؛ حيث حلّت الرواية الخاصة بدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا محل أفغانستان، ويبدو أن خط الاتجاه الخاص بالتضخم واعد بعض الشيء، وانخفضت الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس «كوفيد» إلى أقل معدلاتها منذ ثلاث سنوات، لكن لا يزال بايدن مفتقراً إلى الشعبية.
في هذه المرحلة، لا تزال هناك ثلاثة احتمالات أساسية. الأول هو أن تظل البيئة السياسية بوجه عام غير مناسبة ومعاكسة، ربما بسبب استمرار التضخم والاستقطاب الحزبي. في هذه الحالة، سوف يحظى أي رئيس في هذا المأزق بتقييمات موافقة وتفضيل منخفضة، وسوف يواجه صعوبة شديدة إلى أن يشعر الناخبون بتحسن حظوظهم الاقتصادية.
الاحتمال الثاني هو أن يلحق تعثر بايدن المبكر ضرراً غير اعتيادي ودائماً بتصوراته عن قدرته على القيادة، ربما على نحو متعلق بعمره الذي بلغ الثمانين. إذا صح ذلك، فربما لا يجد من السهل استعادة ثقة الأمة، لكونه غير مؤهل لهذا الدور. الاحتمال الأخير هو أن تتغير الظروف بحيث تساعد في ارتفاع تقييمات بايدن. لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، فقد شهد كل من رونالد ريغان، وبيل كلينتون، وباراك أوباما، بل وحتى ترمب، ارتفاعا في التقييمات المفضّلة لهم بعدما وصلت إلى مستوى الأربعينات خلال العامين السابقين لإعادة انتخابهم. في هذا السيناريو، قد ترتفع تقييمات بايدن بفضل قيام جزء كبير من الناخبين بالمفاضلة بينه وبين البدلاء، عوضاً عن الحكم عليه بشكل منفصل.
ربما تقدم حملة إعادة انتخابه دفاعاً أقوى وأكثر حيوية من أدائه، خاصة إذا جاء على خلفية انخفاض معدل البطالة، وتراجع مستوى التضخم.
يبدو الاحتمال الثالث هو الأكثر ترجيحاً تاريخياً؛ حيث يجب ألا يتم النظر إلى عمر بايدن بوصفه عاملا صحيحا مشروعا، فقد فاز رغم تقدمه في العمر في المرة السابقة، وعادة ما تتم إعادة انتخاب الرؤساء الشاغلين للمنصب. يمثل العدد الكبير للناخبين، الذين يكرهون ترمب وأحبوا بايدن قبل ذلك، نقطة إيجابية. بطبيعة الحال سوف يكون اتجاه الاقتصاد عنصراً متغيراً حيوياً ومهماً، لكن على الأقل يبدو أن انخفاض معدل البطالة، وتراجع مستوى التضخم ببطء، يوفر حالياً ذخيرة كافية لبايدن حتى يوضح موقفه. مع ذلك لا تزال تقييماته منخفضة إلى درجة تجعلها قابلة للتحسن بشكل ملحوظ دون أن يضمن ذلك إعادة انتخابه.
تظهر ثلاثة أنواع واضحة من الناخبين في الوقت الذي يحاول فيه بايدن إعادة تجميع الائتلاف الذي ساعده في الوصول إلى البيت الأبيض عام 2020، وهم الناخبون الشباب، والناخبون غير البيض، وربما الناخبون ذوو الدخول المنخفضة. أداء بايدن ضعيف بين تلك الفئات في أكثر استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها مؤخراً. وربما انخفض تقييمه بوجه عام بين تلك الفئات بمقدار عشر نقاط على الأقل عن تقييمه بينها خلال عام 2020، وهو ما يساعد في فهم السبب الذي جعل الاستطلاعات الخاصة بالانتخابات العامة توضح تقارب الفروق بين المرشحين في السباق الرئاسي.
لقد ظهر ضعف بايدن بين كل تلك الفئات في أوقات متعددة قبل ذلك؛ لذا ليس من المفاجئ بالضرورة رؤيته وهو يجد صعوبة في الحصول على موافقتهم ورضاهم، وهو ما تم التعبير عنه بتدني تقييماته إلى مستوى الأربعينات. ومع ذلك فهم يبلورون التحديات المتعددة قبيل حملته، ومنها سنه، والاقتصاد، والناخبون الذين لن ينجح في جذبهم بسبب قضايا مثل الإجهاض أو المبادئ الديمقراطية. لقد صبّ بايدن في المقطع المصور، الذي أعلن فيه ترشحه للانتخابات، انتباهه بشكل كبير على الحقوق، والحرية، والديمقراطية، والإجهاض. إنه سوف يحتاج على الأرجح إلى طريقة لمخاطبة الأشخاص الذين يتأثرون بالمخاوف المادية والاقتصادية أكثر مما يهتمون بالقيم الليبرالية المجردة.
هناك بطاقة أخيرة قوية متمثلة في المجمع الانتخابي. حتى إذا فاز بايدن بالانتخابات القومية بهامش متواضع، يمكن لترمب جمع ائتلاف فائز في الولايات، التي تشهد منافسة قوية محمومة، وتحسم السباق الرئاسي، كما فعل في عام 2016.
9:32 دقيقه
TT
نظرة مبكرة على انتخابات 2024 الأميركية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
