علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الأمن... الأمن

السودان لا يستحق ما يمر به من محن، وأنا هنا لن أتكلم عن الأوضاع السياسية التي يغطيها زملائي الصحافيون السياسيون، وإن كانت السياسة مرتبطة مع الاقتصاد. أول أخطائنا كعرب عدم احترام قواعد النظام الذي نختاره للحكم، انظر إلى النظم الجمهورية في العالم العربي التي بدأت منذ الثورة السورية عام 1949 ميلادية، هل رأيت رئيساً جمهورياً سلّم السلطة لغيره سلمياً غير سوار الذهب.
كلهم لا يتركون الكرسي إلا باثنتين، إما الموت أو الانقلاب، وأحياناً قليلة بالثورة مثل ما حدث لزين العابدين بن علي في تونس أو ما حدث لحسني مبارك في مصر.
نعود للسودان الحبيب مرة أخرى، قلعة العلماء والمفكرين، لنجد رؤساء مميزين لا يذهبون إلا بالخلع ويمكثون سنوات طوال مثل جعفر نميري وعمر البشير.
ما كان العرب يأملون أن تكون سلة غذائهم نتيجة سوء الإدارة أصبحت حملاً ثقيلاً عليهم.
بلد النيلين الأبيض والأزرق يستجدي الغذاء والدواء من العالم! ما يزعج أن الفوضى جعلت أهلنا في السودان يفرّون من العاصمة الخرطوم بعد انتشار الجريمة التي وصلت للأسف حد الاعتداء على الأعراض وحسب الأخبار المتناقلة وهو أمر لا يقبله أهل السودان؛ لذا فرّوا من العاصمة في حين انشغل البعض في الدفاع عن أهله وماله.
مع الفوضى تنعدم التنمية، ليصبح الشغل الشاغل للأفراد هو الحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم.
يجب أن يفكر العرب ألف مرة في أوضاعهم، وأن تقوم الجامعة العربية بدور إيجابي في حل بعض النزاعات، فمن غير المقبول أن تعمّ الفوضى سوريا والعراق وليبيا وقد يكون لبنان على الطريق ونحن نتفرج.
الغير يريد أن تلحق الأقطار العربية المستقرة بالدول التي عمّتها الفوضى؛ لتتم السيطرة على مقدراتها الوطنية وتحريكها كما تريد الدول المسيطرة، لينتِج لنا استعماراً جديداً غير مكلف للمستعمر الذي استخدمنا «كأرجوزات» لتحقيق مأربه، ونحن سرنا معه نتيجة حب بعضنا للتربع على كرسي السلطة.
وأصبح بعض العرب يتنافسون فيما بينهم لإرضاء الدول الكبرى لتوصلهم لكرسي الحكم، وكل ذلك يتم على حساب الوطن والشعب، وأظن أن هذه الأوضاع إن استمرت فإننا مهددون بفناء أوطاننا، ونحن الآن وفي هذه الأوضاع الراهنة لا نبحث عن الازدهار الاقتصادي، وإنما أصبحنا نبحث عن الاستقرار فقط! انظر إلى أي حدٍ هبط سقف طموحنا.
الفوضى تعني توقف الحياة وتراجع الاقتصاد، لتعني في النهاية حياة سيئة للأفراد وحفر قبر لدولة الفوضى. ودمتم.