وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

تفاؤل السعودية وتشاؤم «النقد الدولي»

صندوق النقد الدولي قام بمراجعة توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام في تقريره هذا الأسبوع، وأصبح أكثر تفاؤلاً مقارنة بشهر أكتوبر (تشرين الأول)، ورفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بصورة طفيفة، والذي بات من المتوقع أن ينمو بنسبة 2.9 في المائة الآن.
إلا أن الصندوق خفض توقعاته لنمو السعودية بنسبة 1.1 في المائة لتصبح 2.6 في المائة؛ نظراً لأن المملكة ستخفض إنتاجها امتثالاً لسياسة تحالف «أوبك»، والتي تقتضي أن تخفض دوله الأعضاء إنتاجها بنحو 2 مليون برميل يومياً منذ شهر أكتوبر، وتم تجديد هذا الاتجاه يوم أمس بعد إقرار اللجنة الوزارية لهذا القرار حتى نهاية 2023.
هناك أمران مهمان هنا؛ الأول هو نظرة صندوق النقد الدولي المبنية على معطيات قد تتغير قبل منتصف العام عندما تجتمع اللجنة الوزارية مرة أخرى.
الأمر الآخر هو أن نظرة السعودية حيال نموها هذا العام أكثر تفاؤلاً من نظرة صندوق النقد الدولي المتشائمة؛ إذ تتوقع المملكة أن ينمو اقتصادها بنحو 3.1 في المائة خلال الفترة نفسها، وهذه نظرة واقعية مع تراجع أسعار النفط عن مستويات العام الماضي ومع تراجع إنتاجها.
الذي ينظر للسعودية يجدها أكثر تحفظاً في توقعاتها حول نموها في العام الحالي، ولكن هذا لا يعني أن الأمور ستكون كما هي عليه إذا ما عاودت الصين الطلب على النفط بشهية أكبر، أو واصل الفيدرالي الأميركي تخفيف التشديد النقدي، ونجا العالم من ركود اقتصادي.
تفاؤل السعودية واضح في توقعها لتحقيق فوائض هذا العام والأعوام التالية حتى 2025، وهذا كذلك له ما يبرره؛ لأن العالم سيتجه إلى استخدام المزيد من النفط في الوقت الذي لا يوجد فيه الكثير من المصادر القادرة على تلبية هذا الطلب خارج منظمة «أوبك».
وإذا نظرنا إلى الطاقة الفائضة للنفط في العالم اليوم فسنجدها تكاد تكون معدومة ولا توجد سوى في دول قليلة، ومن بينها السعودية والإمارات العربية المتحدة.
هاتان الدولتان بالتحديد تعملان على رفع طاقاتهما الإنتاجية قبل عام 2027 ولهذا لن تستطيع إضافة المزيد من النفط للسوق بكميات كبيرة إلا باستخدام الطاقة الفائضة التي تبقي عليها لوقت الأزمات.
في الولايات المتحدة، الأمور أصبحت أصعب على منتجي النفط الصخري الذي سيتعاملون مع أسعار فائدة عالية وقروض مكلفة؛ لمواصلة إنتاجهم.
كما أن روسيا تواجه العديد من العقوبات التي حرمتها من التصدير إلى سوق كبيرة مثل الاتحاد الأوروبي، على خلفية الحرب مع أوكرانيا.
أتصور أن الصورة واضحة، وللتفاؤل السعودي ما يبرره، ولا يوجد ما يبرر تشاؤم صندوق النقد حول نمو السعودية أو أسعار النفط.