سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

النعت السياسي الأسوأ

طوَّق الرئيس لولا دي سيلفا جماعة سلفه جايير بولسونارو ووصفهم بأنهم «حفنة من الفاشيست» أو الفاشيين. ولا أذكر أن نعتاً تحقيرياً استُخدم في السياسة العالمية بقدر هذه التهمة منذ اللحظة التي قتل فيها مؤسس الحركة، بنيتو موسوليني، في أبريل (نيسان) 1945. أسس موسوليني «الحزب الفاشي القومي» بُعيد الحرب العالمية الأولى، واشتهر منذ البداية بالعنف والديكتاتورية. وتحوّل بعد الحرب، خصوصاً عند الشيوعيين، ضد الخصم والعدو... كذلك عند المستقلين وأهل الوسط. والسبب الأول، طبعاً أن الفاشية هُزمت وأصبحت شيئاً من الماضي، ولم يبق هناك من يدّعيها أو يدافع عنها.
والسبب الآخر أن الفاشية ظهرت في إيطاليا، وليس من هو أكثر مهارة من الإيطاليين في السخرية وتحويل الخصوم والأعداء إلى مساخر. ومع الوقت، أصبحت الفاشية كلمة مستخدمة في كل لغات العالم وقواميسه. كما أصبحت نعتاً يعني كل شيء من دون أن يعني شيئاً واحداً في حد ذاته. وقد أطلق بصورة خاصة على الانقلابيين مثل الجنرال فرانكو، وأغوستو بينوشيه في التشيلي، والجنرال فيلدا في الأرجنتين.
في حربه الحالية ذهب فلاديمير بوتين إلى أبعد من الفاشيست ضد خصومه ووصفهم بـ«بالنازية». وذلك لأن للنازية وقعاً أقسى في نفوس الروس وخصومهم على السواء. النازية الألمانية هي التي حوّلت الاتحاد السوفياتي إلى خراب وموت. وهتلر هو الذي خدع ستالين، ونقض الاتفاق معه، كما نقض الاتفاق مع بريطانيا. لكن النازية لم تستخدم كصفة في الحروب الدعائية قدر الفاشية. وربما بين الأسباب التي ذكرتها سابقاً، تفادي الإشارات المهينة إلى الألمان، وقد أصبحوا بعد الحرب دولة ذات أهمية كبرى.
في كل حال لا يبدو أن «الحركة الانقلابية الفاشية» في البرازيل قد حسمت. وليس معروفاً موقف أميركا الحقيقي من الرئيس السابق وجنرالاته، الذين أصبحوا في فلوريدا، الملجأ التقليدي للسياسيين الهاربين من أميركا اللاتينية. وفي نهاية المطاف نجح لولا في حشد تأييد جماهيري عارم عندما استخدم كلمة السّر التي يتجمّع ضدها العاقلون والمحترمون، «الفاشية».