انتهت الرحلة المونديالية لـ«أسود الأطلس» باحتلال المرتبة الرابعة، بعد انهزامه بهدفين لواحد، في مباراة ترتيب باحت مبكراً بأسرارها.
هدفان في ظرف عشر دقائق فقط، إصابة لكل فريق، وبالطريقة نفسها تقريباً... انطلاقة ألغت كل احتمالات التحفظ، المعروف عن المدربين معاً، كما أظهرت أطوار المباراة، نوعاً من التكافؤ بين المجموعتين، مع إظهار رغبة قوية من الطرفين، في حسم المباراة بشكل مبكر.
تكافؤ طبع مجريات المواجهة إلى حد بعيد، إلا أن الدقائق الأخيرة من الشوط الأول، حملت مفاجأة غير سارة، بعد تمكن الكروات من تسجيل هدف ثانٍ، كان كافياً لمنحهم التفوق، واعتلاء منصة التتويج، كأفضل استحقاق لجيل لوكا مودريتش.
واستمراراً لمعاناة المنتخب المغربي مع لعنة الإصابات، وأثناء مجريات هذه المباراة، انضاف كل من أشرف داري وجواد الياميق، للقائمة الطويلة والعريضة من المصابين، وهو عامل سلبي جعل التشكيلة تعرف نوعاً من الارتباك بين الخطوط، إلى درجة اضطر معها سفيان أمرابط، محور خط الوسط، للتحول إلى مدافع أوسط، إلى جانب بدر بانون، الذي دخل هو الآخر احتياطياً، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ويمكن القول، بعيداً عن أي مبالغة - على الأقل خلال العقود الأخيرة - فلأول مرة في تاريخ نهائيات كأس العالم، تجرى مقابلة للترتيب، أمام ملعب مملوء عن آخره، والفضل في ذلك يرجع للانخراط الرائع والتلقائي، لجمهور مغربي حول الخطوط الجوية، الرابطة بين الدار البيضاء والدوحة طيلة شهر كامل، إلى ما يشبه خط نمل، لا يتوقف ليل نهار عن الحركة، إلى درجة لم تعد هناك قدرة، على استيعاب الآلاف من الراغبين في الحضور للدوحة، سواء من المغرب أو باقي دول العالم.
انتهت إذن رحلة أسود الأطلس المونديالية، بعد مسار غير مسبوق في التاريخ، تحول إلى حدث استثنائي هز العالم، وشكل ظاهرة قد يصعب تكرارها في الأمد القريب.
مسار هز مشاعر الملايين بمختلف القارات، هذا المنتخب القادم من العالم العربي، والمنتمي جغرافياً للقارة الأفريقية، استطاع مقارعة الكبار، وتجاوز كوكبة من صفوة كرة القدم العالمية كرواتيا، بلجيكا، إسبانيا، البرتغال.
امتد المسار الموفق لمرحلة نصف النهاية، هنا وُضع حد للمغامرة الجميلة، بعد خسارة أمام فرنسا، بطريقة ما زالت العديد من الأوساط، تعتقد أنها بفعل فاعل، رغم أن هذا الاعتقاد لا يمكن أبداً أن ينقص من قيمة منتخب «الديكة»، الذي دخل المسابقة بثوب البطل، ومرشح فوق العادة للمحافظة على لقبه.
قالت الأسود وداعاً، تاركة رسالة بليغة مفادها، أنه لا كبير في عالم كرة القدم، يكفي الثقة في الإمكانيات الذاتية؛ والاستعداد الجيد، وإعطاء الأسبقية في الاختيار لمن هو أكفأ، وأفضل في منصبه، والأقدر على صناعة التاريخ.
ودع الأسود كأس العالم، موجهين الشكر لكل الشعوب العربية والأفريقية، على قيمة الدعم والمساندة، شاكرين على وجه الخصوص، دولة قطر على حسن التنظيم والاستضافة، وروعة التجهيزات، وموجهين تحية صادقة لمنتخب السعودية الذي فتح باب التحدي، بفوزه على أرجنتين ليونيل ميسي القائد الملهم، وأزال الرهبة، وألغى عقدة الخوف المزمن.
قالت الأسود... إلى اللقاء، ضاربة موعداً بعد أربع سنوات من الآن... موعد بأمل متجدد وحلم أكبر...
8:49 دقيقه
TT
الأسود تودع بأمل متجدد وحلم أكبر
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة