درس كبير وعظيم وملهم للغاية ساقته الأقدار إلى العرب في مونديال العرب... درس الحلم الذي تحول إلى واقع وحقيقة... درس التجسيد العملي لفكرة «احنا نقدر» بشرط نصدق أننا نقدر.
منتخب المغرب لعب مباراة كبيرة جدا أمام بطل العالم وكان ندا قويا ومخيفا أجبر منافسه في فترات ليست بقليلة أثناء المباراة على التراجع إلى الخلف بل وحتى داخل منطقة دفاعه... ليس هذا فحسب ولا هي مباراة بنشوة لحظية والسلام... فقد سبقها ماراثون مغربي مثير من الجدية والندية والإصرار والقتال الكروي المشروع على الحلم المشروع من جانب أسود الأطلس... هم يلعبون الكرة... وغيرهم من المنتخبات العربية يلعب نفس الكرة... لكن الفارق أن المغرب آمن بالحلم وصدقه وكافح من أجله... حتى بعد التعثر أمام فرنسا لا يزال يواصل حلم المركز الثالث وإدراك إنجاز هو أقرب إلى الإعجاز... وآه وألف آه لو آمن الأخضر السعودي بحلمه وصدق بقوة كل تفاصيله لواصل المشوار.
فها هو الأرجنتين الذي قدم المنتخب السعودي أمامه ملحمة كروية للتاريخ ودرسا في فنون الكرة الحديثة بكل ما فيها من فنيات وبدنيات وروح وعزيمة يقف بقدم على منصة التتويج طرفا في النهائي أمام فرنسا... ومن هو فرنسا – وللعجب الشديد – هو المنتخب البطل الذي هزمه منتخب تونس... وهنا تكمن الفكرة الكبرى وهنا فقط تقف تفاصيل الدرس الأعظم... العرب يستطيعون لأنهم يملكون... يملكون الكوادر والكفاءات البشرية لاعبين ومدربين وأجهزة فنية وطبية ومحللي أداء على أرقى مستوى عالمي... يملكون القدرة والطاقة والقوة على مقارعة الكبار أيّاً كانوا... يملكون مقومات المنافسة على الألقاب وليس مجرد فكرة التمثيل المشرف البالية التي نالت من أحلامنا وجهودنا ومحاولات إصلاحنا سنوات لا طائل منها وقفنا فيها خلف ستائر الكسل أو التكاسل وكأن اللاعب الأوروبي أو اللاتيني بُعث من كوكب آخر... فيما ها هي الملاعب تقف شاهدة... والتاريخ يدوّن... والواقع يرفع صوته... العرب قادرون وبكل قوة بشرط استغلال هذا المونديال بالتحديد بكل نتائجه الإيجابية على الصعيد العربي خاصةً والعالمي عموما.
حقيقة مؤكدة أن الفيصل بين كل المتنافسين ليس تاريخا ولا سابقة أعمال ومباريات ولا حتى إنجازات... الفيصل الأهم معطيات اللعبة واللحظة وطالما كنت جاهزا... فأنت حتما قادر وهي معادلة «السهل الممتنع» التي إن توفرت أعجزت وأنجزت... على المغرب أن يواصل تصديق نفسه وحلمه بعد المونديال... ولا يتركها للتاريخ مجرد طفرة تنطوي صفحاتها مع الأيام... على الأسود مواصلة الحلم بأحلام أكبر والقفز من هنا إلى هناك بقوة وقوة وجرأة... على الأجيال المتعاقبة أن تسلم وتتسلم الراية بكل فخر وقوة وتحمّل مسؤولية.
على كل المنتخبات العربية الاستفادة من درس المغرب خصوصاً والمونديال عموما... على منتخب قطر ألا يختبئ خلف ستار الإخفاق... على منتخب تونس أن يرفض المغيب... على منتخب مصر أن ينتفض من كبوته خصوصاً العالمية... على كل المنتخبات أن تعي وتفهم أن الكلمة العربية ممكن جدا أن تتصدر المشهد بكل قوة وقبل هذا وذاك على المسؤولين في كل المنظومات العربية أن يكونوا على قدر الثقة في أبنائهم ومنح الصلاحيات الكاملة لمواهبهم من المدربين والإداريين والأجهزة الطبية... غالبية الإنجازات العربية الكبرى عالميا وإقليميا بإشراف أجهزة وطنية... مع احترام الخواجة... المدرب الوطني أحق به إذا كان أهلا له... هيا بنا عمليا وفعليا نستوعب الدرس... لأنه من وجهة نظري أعظم درس.
ثم لا يفوتنا أيضاً أن نواصل المتابعة والتعلم فمن يتوقف عن التعلم يخسر كل ما تعلم... فرنسا والأرجنتين مواجهة نهائية مونديالية كبيرة ومرتقبة ونهائي كبير مؤكد أنه يمثل درسا آخر في عالم البطولة وكيفية مواصلة المشوار حتى النهاية ومشاهدته درس إن لم يكن للاستفادة الفنية والمتعة الكروية فعلى الأقل من باب الغيرة على تلك اللقطة التي يحتضن فيها البطل كأس بطولته حتى تبقى في ذاكرتنا تفصيلة استكمال الحلم الذي آن الأوان لأن يتحول في أقرب فرصة إلى حقيقة.
8:2 دقيقه
TT
المونديال... لازم نصدق الحلم
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة