محمد الروحلي
TT

موعد جديد مع أسود جائعة

«عمرك شفتي السبع خايف كي يتخلع... ولادونا رجال سبوعة... ورايتنا مرفوعة».
مطلع أغنية حماسية جميلة، تؤديها الفنانة المغربية الرائعة أسماء لمنور، سبق أن أهدتها لأسود الأطلس احتفالاً بالتأهل لكأس العالم في روسيا سنة 2018، كأنها تنبأت منذ أربع سنوات، بهذا الصمود التاريخي، خلال المشاركة بنسخة قطر 2022.
يقول المطلع، وهو بالدارجة المغربية: «هل سبق لك أن شاهدت أسدا يرتجف من الخوف؟ أبناؤنا أسود، ورايتنا دائماً مرفوعة...».
أسود الأطلس أكدوا بالفعل صحة معاني هذا المقطع المعبر والمحفز، وواصلوا المسار بثقة وثبات، وتوازن ذهني وفكري، أذهل العالم. الكل يتساءل عن سر هذه الخلطة السحرية التي أفلحت في تقديم تشكيلة نموذجية، متجانسة ومتضامنة، تقاوم «الداء والأعداء... كالنسر فوق القمة الشماء»، مع الاعتذار عن طريقة التصرف في مطلع واحدة من القصائد المميزة للشاعر التونسي أبي القاسم الشابي.
لاعبو المنتخب المغربي يقاومون الأعطاب والعياء وضغط المباريات، بل هناك من اضطر إلى الاستعانة بمسكن للآلام، من أجل خوض المباريات بنسق عالٍ واستماتة كبيرة مهما كلفه ذلك من تأثير على صحته.
كل المتاعب والصعاب تهون من أجل تمثيل المغاربة والعالمين العربي والأفريقي أحسن تمثيل، وأيضاً تلبيةً لرغبة الملايين من مختلف القارات، الطامحين إلى إحداث تغيير في موازين القوى بأكبر جهاز يشرف على اللعبة الشعبية على الصعيد الدولي، ورفض استمرار التعامل غير المبنيّ على الإنصاف وتكافؤ الفرص والعدالة الكروية.
عبارات التقدير والإعجاب والافتخار جاءت بكل لغات العالم، حتى في أقصى الدنيا، قالوا: «نحبكم يا مغاربة على هذا الإنجاز، لقد شرفتمونا حقاً»، آملين استمرار كل هذا السحر، وإحداث المفاجأة المدوية؛ ألا وهي التتويج بالكأس الغالية.
يمر حلم الفوز بالكأس، عبر تجاوز «ديوك» فرنسا بمرحلة نصف النهاية، في مهمة لن تكون أبداً سهلة، على اعتبار أن المواجهة تختلف عن كل المباريات السابقة أمام خصم مختلف عدةً وعتاداً، بتشكيلة تعجّ بالنجوم، وبنك احتياط غنيّ، بل متخم ببدلاء نجوم، وهنا يكمن وجه الصعوبة.
أما المنتخب المغربي فهو منهك القوى، بتأثير واضح للأعطاب، وعياء ذهني، إلى درجة لم يعد هناك لاعب بمقاعد البدلاء، لم يتم تجريبه، باستثناء أنس زروري وبلال الخنوس وإلياس الشاعر، والحارس الثالث رضا التكناوتي.
هذا هو الخصم الحقيقي الذي يحاول المدرب وليد الركراكي، بمعية مساعديه والأطقم المكلفة، بالتطبيب والعلاج الطبي والتغذية، أن يجدوا له حلولاً عاجلة.
نواجه منتخباً يترجم -بقوة- رغبة جامحة في الحفاظ على اللقب، تفوق في الكثير من المراحل، لكن في مباراة الربع ضد منتخب إنجلترا، تبين أنه فريق لا يصعب تجاوزه، في حالة استغلال جيد لنقاط ضعفه، وإبطال مفعول بعض عناصر قوته الضاربة.
خلال اللقاء الإعلامي الذي عقده عصر (الثلاثاء)، بالمركز الصحافي الرئيسي، عكس الركراكي تفاؤل المجموعة المغربية، والاستعداد الكامل للدفاع عن حظوظها في الوصول إلى المباراة النهائية، حتى في مواجهة أبطال العالم، خاتماً تصريحاته بالتأكيد أن اللاعبين ما زالوا جائعين، يرغبون في التهام كل ما يصادفونه في طريقهم.
جاهزون إذن لمواصلة التحدي، والحرص على كتابة التاريخ بأحرف من ذهب وبمِداد الفخر والاعتزاز.