عبد السلام ضيف الله
TT

كيف نفهم الإنجاز التاريخي المغربي؟

ما بين الاحتفاء وتبادل التهاني بالإنجاز المغربي التاريخي ببلوغ الدور ربع النهائي لكأس العالم 2022 نتساءل في محاولة للفهم كيف نجح المغاربة في الوصول إلى هذا الإنجاز؟
تأخذنا الإجابة إلى التفتيش فيما وراء الإنجاز المتواصل لأسود الأطلس، فهناك التفاصيل وهناك نكتشف حقيقة ما ينجز.
العنوان الأبرز هو وضوح الاختيار والموقف السياسي الرسمي المغربي في دعم الشأن الرياضي ليس بالقول فقط، وإنما بالدعم المالي وبخطة رسمت ملامح نهضة كروية على كل المستويات سواء كانت منها البنية الأساسية من ملاعب مباريات متطورة وذات عشب مناسب لممارسة كرة القدم وأيضاً ملاعب للتمارين داخل المركبات الخاصة بالأندية.
وأيضاً من خلال اعتماد نظام احتراف يرتكز على أساس دفتر الشروط مع مشاركة مالية تضامنية مع الحكومة والاتحاد المغربي والأندية منذ سنة 2005.
وبالتوازي دفعت المغرب برجالاتها إلى سدة القرار خاصة على مستوى هيكل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم فأصبح حضورها نافذاً وقوياً.
وبرزت نتائج التغيير على السطح من خلال حضور قوي للأندية المغربية في مسابقتي رابطة الأبطال وكأس الاتحاد الأفريقي إلى جانب كأس السوبر من ذلك أن آخر لقبين لرابطة الأبطال وكأس الـ«كاف» فاز بهما ناديا الوداد ونهضة بركان الذي فاز كذلك بالسوبر الأفريقي.
كما اعتمدت الأندية على سياسة المرونة في تسريح اللاعبين للاحتراف في الأندية الأوروبية، وكان من ثمارها على سبيل العد وليس الحصر بروز الحارس ياسين بونو، الذي كان غادر نادي الوداد المغربي نحو أتليتكو مدريد سنة 2012 وها هو اليوم الحارس الأول لنادي إشبيلية وتابعنا كيف تصدى لركلتي جزاء في مباراة إسبانيا ليطير بالمغرب إلى الدور ربع النهائي لكأس العالم في إنجاز غير مسبوق للمنتخبات العربية.
كما اعتمدت الجامعة الملكية المغربية سياسة ناجعة لاستقطاب أبناء المهاجرين المغاربة، خصوصا منهم الذين ينشطون في أكبر الأندية الأوروبية فتوافد اللاعبون على المنتخبات المغربية إلى أن وصلنا إلى الذروة مع الجيل الحالي فمثلاً حكيم زياش رفض منتخب هولندا وأشرف حكيمي رفض إسبانيا ومثله فعل عبد الصمد الزلزولي.
إلى جانب ذلك، رصدت الدولة المغربية إمكانات مالية كبيرة لتوفير كل سبل النجاح للمنتخب حتى يجد اللاعبون كل الظروف أو ما يشابهها في أنديتهم.
وكثيراً ما اعتمدت المغرب على المدربين الأجانب لكنها لم تصل إلى المبتغى إلا هذه المرة ولكن بالمدرب الوطني وليد الركراكي الذي نجح سريعاً في أن يضع أسود الأطلس في طريق النجاح ويكتب معهم تاريخاً ناصعاً لم يسبقه إليه أحد من المدربين العرب.
لقد نجح الركراكي في ثلاثة أشهر فقط أن يغير وجه المنتخب المغربي ودفعه ليكون رقماً صعباً بين منتخبات العالم، حيث أحسن إدارة النجوم التي يعج بها المنتخب، ونجح تماماً في التعامل التكتيكي مع كل المنافسين وأحسن توظيف اللاعبين.
وراء النجاح المغربي قصة عمل واجتهاد ومحاولات عديدة للنجاح، واليوم دخل المنتخب التاريخ بإنجازات ساطعة في المونديال وما يزال ينتظر منه الكثير، ربما ليس الفوز بكأس العالم، وإنما وهذا مطلب مشروع الفوز بكأس أمم أفريقيا المقبلة.