محمد الروحلي
TT

طموحات عربية ورهانات أفريقية

منتخب عربي واحد، يتواجد من بين الـ(16) فريقاً بالدور الثاني، لمونديال قطر... هو المغرب.
المغرب، الأفريقي الوحيد من بين ممثلي القارة الخمسة، ما زال مستمراً بالمسابقة، بعد إقصاء قاسٍ للسنغال ضد إنجلترا، في دور الستة عشر.
منتخب محمل بكثير من الرسائل والطموحات والرهانات، تضعه في مقدمة كل الاهتمامات، جاء للدوحة باحثاً عن إنجاز وطني، طارده يائساً لعقود من الزمن، فوجد نفسه هذه المرة، محملاً بمسؤوليات أخرى، غير قابلة للتأجيل أو الانتظار أو التراجع.
رفع راية العرب خفاقة بأهم محفل عالمي لكرة القدم، وبأرض تسوق لقيمة العربية على نحو جد متميز، مسؤولية استمدت راهنيتها، بفعل كل هذا التعاطف المنقطع النظير، من طرف شعوب عربية تواقة إلى لحظات فرح، تلغي عنها أدنى إحساس سلبي، أو شعور بـ«الدونية».
رسالة عربية بحب الانتماء والافتخار بالهوية، وقداسة الروابط؛ وأخرى أفريقية تستمد مشروعيتها، من امتداد جذور المغرب بكل ربوع القارة، بلد بحضارة أربعة عشر قرناً، لا تغيب عنه الشمس، وإشراقة الأمل.
فالمغرب المحتضن بقوة من طرف عائلة أفريقية، أصبحت ترى فيه المنبر القادر على إسماع صوت القارة عالياً، يتفاعل مع همومها، يؤثر بمسارها، ويؤمن حتى النخاع بقضاياها.
توجه مغربي جعل من أفريقيا، ركناً أساسياً في أي معادلة قادمة، وما حدده إنفانتينو من تصور مستقبلي للفيفا، قبل انطلاق المونديال، إلا دليل على الدور الحاسم الذي أصبح لأفريقيا، بانخراط صادق لوطنييها، وعالم عربي بقادته الكبار الملهمين.
بالدور الثاني، يصادف «أسود الأطلس» أمامهم «ماتادور» إسبانيا، متعطشاً هو الآخر لإنجاز غاب عنه منذ دورة 2010، يحلم بالعودة لمنصة التتويج، لكن حلم يبدو بعيد المنال، كمن يطارد خيط دخان، لن يقوى على العودة لمدريد مهزوماً مكسور الوجدان، فأي إخفاق سيشعل المزيد من الخلافات!
مسلسل تراجع مريب، يسعى الإسبان لوقف نزيفه في بطولة قطر، ولأجل ذلك لا بد من العبور بسلام لمحطة متقدمة، لن تكن أبداً سهلة، ولا في المتناول، فهي مفتوحة على كل احتمالات القوة، والضراوة، والإثارة، صعبة على أصحاب القلوب الضعيفة، ما دام كل طرف يمتلك أسلحة خاصة، ويسعى لاستغلال ضعف خصمه على نحو أمثل.
بقراءة مسبقة، فالمباراة تعرف نوعاً من التكافؤ، بتشابه في الأسلوب، وطريقة لعب ذات طابع لاتيني، يؤمن بدور الفرديات، ولا يسمح أبداً بالتفريط بأهمية المجموعة.
فمنتخب إسبانيا يسعى لتجاوز ارتباك يعيشه من الداخل، يتجلى في تفكك طاقمه الفني، ومشاكل وردود غاضبة، تسبب فيها إبعاد غير مبرر، للاعبين كانوا بالأمس القريب رموزاً، في المقدمة العميد راموس، والمبدع ألكانتارا والمجرب دي خيا.
رغبة إسبانية تصطدم بطموح جارف للأسود الأطلسية، الساعية لمواصلة لعبة التحدي، وما المرور للدور الثاني، سوى مجرد محطة، سبق لجيل مكسيكو (86) أن وصلها بكثير من التفوق، وبالتالي فما على أصدقاء النجم حكيم زياش، إلا تحقيق إنجاز أفضل، يذكره أيضاً التاريخ وتحتفظ به ذاكرتنا الجماعية.
بطموحات عربية قوية، ورهانات أفريقية متطلعة، يدخل المغرب غمار التحدي الكبير، وهو يخوض صراعاً، في مواجهة ثور إسباني، غير صعب على الترويض، وكل الأمل أن يتفوق الأسود في أداء المهمة بنجاح، لن نطلب الكثير من درجة الإقناع، فهذه المباريات، وكما يؤمن أصحاب النظريات التكتيكية، الغارقة في التحفظ... تربح ولا تلعب...
فلتكن الأسود الرابح الأكبر...