هاني عبد السلام
مسؤول قسم الرياضة
TT

الإثارة مستمرة

بعد جولات من الإثارة والتقلبات والنتائج غير المتوقعة، حملت الحلو فيها والمر لممثلي العرب، دقت ساعة الحقيقة للمونديال القطري بمرحلة خروج المهزوم، ولم يعد هناك مجال للخطأ ولا للتعويض.
كنا نأمل أن يكون للعرب أكثر من ممثل في ثمن النهائي، لكن المغرب وحده هو الذي استطاع أن يشق طريقه ببراعة إلى جولات الحسم، رغم أن «العشم» كان كبيراً في «الأخضر» السعودي لتكملة المشوار، وكذلك صحوة تونس المتأخرة.
«أسود الأطلس» سطروا تاريخاً لهم بتصدر مجموعة قوية تغلبوا خلالها على بلجيكا المصنفة ثانياً عالمياً، وثالثة مونديال روسيا الأخير، وتعادلوا مع كرواتيا وصيفة النسخة الأخيرة، قبل أن يحققوا الانتصار المهم على كندا الذي ضمن لهم قمة المجموعة. وللحق يمتلك المغرب تشكيلة متكاملة دفاعاً وهجوماً وحراسة مرمى، وقبل ذلك مجموعة محترفة في أقوى الدوريات الأوروبية، تعرف ما هي البطولات الكبرى.
المنتخب السعودي بعد الفوز المدوي على الأرجنتين بقيادة ميسي، وكتيبة من النجوم العالميين أصحاب الأسماء الرنانة، جعلنا نطمع في إنجاز فريد يفوق ما حققه بتجربته الأولى بمونديال 1994 عندما تجاوز دور المجموعات بجدارة، لكن هذه المرة لم يستغل الفرصة والدافع المعنوي، وظهر الخط البياني للأداء متراجعاً وليس تصاعدياً؛ فخسر أمام بولندا، ثم المكسيك. ولأن «العشم» كان كبيراً في «الأخضر»؛ كان هناك شعور بالمرارة للخروج وضياع فرصة كانت في المتناول.
المنتخب التونسي على العكس بدأ المشوار باهتاً، لكن الأداء مضى تصاعدياً؛ فبعد تعادل سلبي مع الدنمارك، وخسارة غير منطقية ضد أستراليا (إحدى مفاجآت البطولة)، كان على موعد مع انتصار سيظل عالقاً بالأذهان طويلاً على حساب فرنسا حاملة اللقب، ليجمع أربع نقاط، لم تكن كافية لعبوره للدور الثاني. وإذا اعتبرنا أن منتخب قطر قد دفع ثمن الضغوط الكبيرة الملقاة على عاتقه كبلد منظم مطالب بتحقيق نتيجة إيجابية، على غرار ما فعلت روسيا في مونديالها الأخير 2018، ولم يتحمل في أول تجاربه فخرج مودعاً، لكن البلاد ستنال شرف تسجيل اسمها في قائمة الأفضل تنظيماً لبطولات كأس العالم.
في مقال قبل افتتاح البطولة، توقعنا مونديالاً مختلفاً، ومفاجآت مدوية، وبالفعل كشف الدور الأول عن نتائج لم يكن أحد يتوقعها؛ فغادرت بلجيكا ومعها ألمانيا والدنمارك، وتمسكت إسبانيا بمواهبها بخيط أمل رفيع أنقذها بعد أن كانت على شفا الخروج.
ويمكن القول إن منتخب اليابان الذي تسبب في الإطاحة بألمانيا، وأزّم موقف إسبانيا، هو نجم الجولات الأولى بجانب المغرب؛ لأنهما قلبا كل التوقعات وتصدرا مجموعتيهما، رغم أن الترشيحات قبل البطولة كانت تضعهما خارج السباق، لكن فوز اليابان على إسبانيا بالجولة الأخيرة زاد من صعوبة مهمة «أسود الأطلس» في ثمن النهائي؛ إذ بات عليه الصدام مع «الماتدور» في معركة نتمنى فيها الفوز لممثل العرب وأفريقيا. خريطة الدور الثاني تنبئ بأن المراحل القادمة ستكون أكثر إثارة، ومفاجآت الدور الأول جعلت الصدام حتمياً بين فرق كانت مرشحة للمضي حتى النهاية للمنافسة على اللقب، وبعضها بات مطالباً بالإطاحة بالآخر ربما في دور الثمانية...
في انتظار القادم، ما زلنا نحلم بمزيد من المفاجآت والإثارة، ونأمل أن ينحاز المونديال القطري لبطل جديد.